لِنَوْمٍ أَوْ غُسْلِ نَحْوِ جُمُعَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا) أَوْ زَارَ قَادِمًا (فِي طَرِيقِهِ) لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ (لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ) بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ يَسِيرًا كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى السَّلَامِ وَالسُّؤَالِ (أَوْ) لَمْ (يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ) بِأَنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَالْقَادِمُ فِيهَا «لِخَبَرِ عَائِشَةَ إنِّي كُنْت أَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ أَيْ التَّبَرُّزِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا يَعْرُجُ» فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا أَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِ وَإِنْ قَلَّ ضَرَّ وَلَوْ صَلَّى فِي طَرِيقِهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهَا وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَلْ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَنَحْوُهَا لَهُ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهَا أَوْ هُمَا سَوَاءٌ؟ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا (وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) بِخُرُوجِهِ (لِمَرَضٍ يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ كَمَا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ لِحَاجَةِ فُرُشٍ وَخَادِمٍ وَتَرَدُّدِ طَبِيبِ، أَوْ بِأَنْ يَخَافَ مِنْهُ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَإِسْهَالٍ وَإِدْرَارِ بَوْلٍ، بِخِلَافِ مَرَضٍ لَا يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَ فِي الْمَرَضِ الْخَوْفُ مِنْ نَحْوِ لِصٍّ أَوْ حَرِيقٍ، فَإِنْ زَالَ خَوْفُهُ عَادَ لِمَكَانِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْجِدًا قَرِيبًا يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ.
(وَ) لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِحَيْضٍ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) بِحَيْثُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَصَوْمِ شَهْرَيْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ لِعُرُوضِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، وَضُبِطَ جَمْعُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثَةَ وَعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنَ أَقَلَّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافُ لَا الْغَالِبُ الْمَفْهُومُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ مِنْ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبُ قَدْ يَتَجَزَّأُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا بِهِ إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، وَإِنْ وَسِعَهُ، وَلَا نَظَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ طُهْرَ تِلْكَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافُهُ اهـ زِيَادِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا) أَيْ بِأَنْ زَادَ فِي قَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ: أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٌ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ.
أَمَّا قَدْرُهَا فَيُحْتَمَلُ لِجَمِيعِ الْأَعْرَاضِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْوُقُوفُ وَلَمْ يَقْطَعْ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ لَهُ تَكْرِيرُ هَذِهِ كَالْعِيَادَةِ عَلَى مَوْتَى أَوْ مَرْضَى مَرَّ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورِينَ أَخَذَا مِنْ جَعْلِهِمْ قَدْرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ بِكُلِّ غَرَضٍ فِيمَنْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا يَفْعَلُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا فِعْلَهُ لِنَحْوِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَوَقَعَ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ نَحْوِ الْعِيَادَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.
وَمَعْنَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حِدَتِهِ تَابِعٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ، فَلَا نَظَرَ لِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ الْمُقْتَضِي لِطُولِ الزَّمَنِ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ لَوْ جَمَعَ لَكَثُرَ فَهَلْ يَقْدِرُ الِاجْتِمَاعُ حَتَّى يَضُرَّ أَوْ لَا حَتَّى يَسْتَمِرَّ الْعَفْوُ؟ فِيهِ خِلَافٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ هُنَا وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِي التَّابِع وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرِيضُ جَارًا لِلْمُعْتَكِفِ وَلَا نَحْوَ صَدِيقٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ قُبَيْلَ الْكِتَابِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَةٍ نَحْوَ رَحِمٍ وَجَارٍ وَصَدِيقٍ أَفْضَلُ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ حَجّ أَنْ يَجْعَلَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَهُ لِلْمُعْتَكِفِ لَا لِمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ
(قَوْلُهُ: قَدْ يَتَجَزَّأُ) أَيْ بِأَنْ يُوجَدُ تَارَةً فِي شَهْرٍ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute