للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا فِي الْأَعْذَارِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ إمْكَانِ طُرُوُّ الْحَيْضِ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الِانْقِطَاعِ فَتَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ إذَا طَهُرَتْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا (فَإِنْ كَانَتْ) مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ (بِحَيْثُ تَخْلُو عَنْهُ) أَيْ الْحَيْضِ (انْقَطَعَ) التَّتَابُعُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَشْرَعَ كَمَا طَهُرَتْ وَكَالْحَيْضِ النِّفَاسُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَيْضِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّتَابُعِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَا تَخْرُجُ لِاسْتِحَاضَةِ بَلْ تَحْتَرِزُ عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ سَهُلَ احْتِرَازُهَا وَإِلَّا خَرَجَتْ وَلَا انْقِطَاعَ

(وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (نَاسِيًا) اعْتِكَافَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَكَالْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، فَإِنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ لِحَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ خَرَجَ خَوْفَ غَرِيمٍ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ أَوْ مُعْسِرٌ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ: أَيْ وَثَمَّ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ لِتَقْصِيرِهِ.

وَلَوْ خَرَجَ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُهُ وَأَدَاؤُهَا لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْخُرُوجِ وَإِلَى سَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَتَحَمُّلُهُ لَهَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّيْخُ بَحْثًا بِمَا إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوَّتَهُ لِصَوْمِ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ

وَلَوْ خَرَجَ لِإِقَامَةِ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجَرِيمَةَ لَا تُرْتَكَبُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ، بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْوَلَاءَ.

وَلَا يَقْطَعُهُ خُرُوجُ امْرَأَةٍ لِأَجْلِ قَضَاءَ عِدَّةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْعِدَّةِ، بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لَهَا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ لِاخْتِيَارِهَا الْخُرُوجَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي اعْتِكَافِ مُدَّةٍ مُتَتَابِعَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا لَهَا زَوْجُهَا، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَذَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِ اعْتِكَافِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا.

(وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ لِلْمَسْجِدِ (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَابُهَا فِيهِ وَلَا فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ قَرِيبَةٍ مِنْهُ (لِلْأَذَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا لِلْأَذَانِ وَإِلْفِ النَّاسِ صَوْتَهُ، بِخِلَافِ خُرُوجِ غَيْرِ الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ وَخُرُوجِ الرَّاتِبِ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَفِي آخَرَ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ) وَمِثْلُهُ جَاهِلٌ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا، نَشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ لَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ شَرْعًا

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ إلَخْ فَإِنَّهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْيِيدِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ حُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدًا، فَالشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ كَمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَهُ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُمَا بَعْدَ الِاعْتِكَافِ يَقْطَعَانِ التَّتَابُعَ إذَا خَرَجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ) وَمِثْلُ الرَّاتِبِ نَائِبُهُ حَيْثُ اسْتَنَابَهُ لِعُذْرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ حَيْثُ كَانَ النَّائِبُ كَالْأَصِيلِ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَرِيبَةٌ مِنْهُ) صِفَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنَارَةٌ مُنْفَصِلَةٌ (قَوْلُهُ لِلْأَذَانِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأَذَانِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّسْبِيحِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ، وَمِنْ أُولَى الْجُمُعَةِ وَثَانِيَتِهَا لِاعْتِيَادِ النَّاسِ التَّهَيُّؤِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ فَيُلْحَقُ بِالْأَذَانِ (قَوْلُهُ: لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا) قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>