بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِالْحُرْمَةِ، وَبِهِ اسْتَغْنَى عَنْ تَضْعِيفِ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَى الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ جَوَازَ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِهِنَّ فَالْخُنْثَى الَّذِي يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أُنْثَى بِالْجَوَازِ أَوْلَى فَانْدَفَعَ مَا فِي الْإِسْعَادِ. وَلَوْ تَطَوَّعَتْ بِحَجٍّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَمَاتَ فَلَهَا إتْمَامُهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: أَيْ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي الْمُضِيِّ وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلَ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ لَهَا التَّحَلُّلُ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِالْإِتْمَامِ لُزُومُ الرُّجُوعِ لَهَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ إحْرَامِهَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِشَرْطِ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا فِي الرُّجُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْإِحْرَامَ مُطْلَقًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مُحْرِمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لِإِحْدَاهُنَّ) لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُنَّ أَمْرٌ فَيَسْتَعِنَّ بِهِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (تَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ) مَعَهَا (إلَّا بِهَا) وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَوَجَدْتَهَا فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ كَأُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى مَعْنًى فِيهَا، فَكَانَ شَبِيهًا بِمُؤْنَةِ الْحَمْلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَأُجْرَةِ الزَّوْجِ كَالْمَحْرَمِ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ النِّسْوَةِ فِي ذَلِكَ بِالْمَحْرَمِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْحَجُّ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يُجْبَرْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا، وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَا وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْجَاجُ بِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَحْرَمًا لَهَا أَجْبَرَتْهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَفَائِدَةُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ كَوْنِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي عِصْيَانُهَا بِالْمَوْتِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ مِنْ تَرَكْتهَا أَوْ تَكُونُ قَدْ نَذَرَتْ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ خَشِيَتْ الْعَضْبَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا نُسُكٌ.
(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ فِي مَحْمَلٍ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَوْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا بِنَفْسِهِ. نَعَمْ تُغْتَفَرُ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ عَادَةً.
(وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ) أَيْ النُّسُكُ (إنْ وَجَدَ) مَعَ مَا مَرَّ (قَائِدًا) يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ وَيُعِينُهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا وَأَحْسَنَ الْمَشْيِ بِالْعَصَا وَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ غَالِبًا، وَلَوْ أَمْكَنَ مَقْطُوعُ الْأَطْرَافِ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَزِمَهُ بِشَرْطِ وُجُودِ مُعِينٍ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا الْبَعِيرُ بِمَحْمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، خِلَافُ الرَّاحِلَةِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا الْبَعِيرُ الْخَالِي عَنْ الْمَحْمَلِ.
(وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ تَكُونُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) لِئَلَّا يُضَيِّعَهُ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ) بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ (أَوْ يُنَصِّبَ شَخْصًا لَهُ) ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهَا وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَضِيعَ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ.
(النَّوْعُ الثَّانِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ خَارِجُ السُّوَرِ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ
(قَوْلُهُ: وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَاجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَلِيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ السَّفِيهُ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ) هَذَا الْقَيْدُ لِلْوَاقِعِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَمْلِيكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ التَّمْلِيكَ وَالْوَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute