للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ) أَيْ الْحَجِّ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ بَلْ (بِغَيْرِهِ فَمَنْ مَاتَ) غَيْرُ مُرْتَدٍّ (وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ) وَاجِبٌ مُسْتَقِرٌّ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ وَلَوْ شَابًّا، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ وَ (وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ) وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلُهُ (مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُهُ سَوَاءٌ فِي الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا أَكَانَ وَارِثًا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا، وَالْعُمْرَةُ إذَا اسْتَقَرَّتْ كَالْحَجِّ فِيمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ الْحَجُّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ وَفَارَقَ الصَّوْمَ حَيْثُ تُوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا صَحَّ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» وَمَا صَحَّ أَيْضًا «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا، وَأَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضَيْتَهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَاقْضُوا حَقَّ اللَّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» فَشَبَّهَ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْطَى حُكْمُهُ، أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَصِحُّ الْإِنَابَةُ عَنْهُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ، وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجُّ التَّطَوُّعِ فَلَا تَلْزَمُ فِيهِ نِيَابَةٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ إمْكَانِ الرَّمْيِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ لَيْلًا اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَنٍ يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ حَلْقَهَا أَوْ نَتْفَهَا كَافٍ، وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ وَهُوَ سَائِرٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْدَرِجُ زَمَنُهُ فِي زَمَنِ السَّيْرِ إلَيْهَا، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ النُّسُكِ سِنِينَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُضِبَ عَصَى مِنْ آخَرِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يَفْعَلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْقَضُ مَا شَهِدَ بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذَكَرَ كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ، وَعَلَى كُلٍّ مَنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فَوْرًا لِلتَّقْصِيرِ. .

نَعَمْ لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَالْمَعْضُوبُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَبِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَصَبُهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ) حَالًا وَمَآلًا لِكِبَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْضُوبِ وَلَيْسَتْ خَبَرًا لَهُ بَلْ الْخَبَرُ جُمْلَتَا الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ (إنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أُجْرَةُ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مَنْصُوبِهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا يَشْتَرِطُ فِيمَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَيَكْفِي حَجُّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ كَعَكْسِهِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الْآتِي (قَوْله إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ) أَيْ مَوْرُوثٌ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَوْ خَلَّفَ مَالًا قُضِيَ مِنْهُ دِينُهُ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ) وَالْعِصْيَانُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَسْتَنِبْ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ) هَلْ يَكْفِي فِي الْعَجْزِ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى لَهُ الطَّرَفَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي الْمَوْتَ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ لِإِيهَامِهَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ) يَعْنِي إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ قَيْدٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِمُضِيِّ إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: أَثِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي الْمَتْنِ أَنْ يَزِيدَ وَاوًا مِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>