للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ انْعَقَدَ عَلَى الصَّحِيحِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِإِطْبَاقِ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَالصَّلَاةِ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ.

(وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَحَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا، وَيَغْسِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ وَلِهَذَا سُنَّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَإِذَا اغْتَسَلَتَا نَوَتَا، وَالْأَوْلَى لَهُمَا تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى طُهْرِهِمَا إنْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ بِالْمِيقَاتِ لِيَقَعَ إحْرَامُهُمَا فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِمَا. وَيُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ التَّنْظِيفُ بِإِزَالَةِ نَحْوِ شَعْرِ إبْطٍ وَعَانَةٍ وَظُفْرٍ وَوَسَخٍ وَغَسْلِ رَأْسِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْغُسْلِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ اهـ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ، وَإِلَّا فَإِزَالَةُ نَحْوِ الشَّعْرِ لَا تُطْلَبُ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَيُنْدَبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ فِيهِ الْقَمْلُ وَلَا يَتَشَعَّثَ فِي مُدَّةِ إحْرَامِهِ وَيَكُونَ بَعْدَ غُسْلِهِ.

(فَإِنْ) (عَجَزَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْغُسْلِ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ، وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَهُوَ كَافٍ وُضُوئِهِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ إنْ نَوَى بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَتَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَآخَرُ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَ) يُسَنُّ لِدُخُولِ الْحَرَمِ (وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَلَالًا لِلِاتِّبَاعِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ أَغْسَالِ الْحَجِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] شَكَّ بَعْدَ جَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ هَلْ كَانَ نَوَى أَوْ لَا؟ ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ يَشُقُّ لَا أَثَرَ لَهُ بَلْ هُوَ وَهْمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

أَقْوَالٌ: وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي نِيَّةِ الْحَجِّ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوهُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ فَقَالُوا: لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي رَمَضَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ انْعَقَدَ عُمْرَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ عَالَمًا بِذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا.

وَقَالُوا: لَوْ نَوَى الْحَجَّ ظَانًّا بَقَاءَ رَمَضَانَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَقَالُوا: لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ وَتَرَدَّدَ فِي وَقْتِ إحْرَامِهِ هَلْ هُوَ قَبْلُ شَوَّالٍ أَوْ فِيهِ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ إذَا أَتَى بِأَعْمَالِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَسَلَ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْغُسْلِ لِلْمَاضِي كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ كَذَا قِيلَ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ، غُسْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْله لَا تَطْلُبُ فِيهِ) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: وَيَنْدُبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ) أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَشِيَ عُرُوضَ جَنَابَةٍ بِاحْتِلَامٍ أَوْ خَشِيَتْ الْمَرْأَةُ حُصُولَ حَيْضٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِمَا لِأَنَّ عُرُوضَ مَا ذُكِرَ يُحْوِجُ إلَى الْغُسْلِ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَ الشَّعْرِ وَإِزَالَةُ نَحْوَ الصَّمْغِ وَهُوَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إزَالَةِ بَعْضِ الشَّعْرِ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ) أَيْ فَفِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ التَّشْوِيهِ (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي) سَبْقُ نَظَرٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَابْنُ الْمُقْرِي إنَّمَا قَالَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا لَمْ يَكْفِ لِلْوُضُوءِ أَيْضًا الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عَقِبَ هَذِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ نَصُّهَا: وَالْعَاجِزُ عَنْهُ يَتَيَمَّمُ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْضِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.

قَالَ شَارِحُهُ: وَقَاسَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوُضُوءِ بَعْضَهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إتْمَامِهِ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثَانِيًا عَنْ الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا عَنْ الْغُسْلِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ وَإِلَّا فَالثَّانِي اهـ فَلَخَّصَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِيمَا ذَكَرَهُ

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>