للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ، وَلَوْ فَاتَ لَمْ يَبْعُدْ نَدْبُ قَضَائِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُلْحَقُ بِهِ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ النَّوَافِلِ وَالْأَوْرَادِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا هُنَاكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا هُنَاكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ تَغَيُّرٌ لِرِيحِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا سُنَّ الْغُسْلُ عِنْدَهُ.

(وَ) يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِنَمِرَةَ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غَيْرِهَا وَقَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارُوا إلَى الْوُقُوفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ الْإِمَامُ.

وَقَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ: وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ، لَا يُخَالِفُ هَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْوُقُوفِ، لَكِنْ تَقْرِيبُهُ مِنْ وُقُوفِهِ أَفْضَلُ كَتَقْرِيبِهِ مِنْ ذَهَابِهِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا ثُمَّ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَاسِكَهُ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.

(وَ) يُسَنُّ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِلْوُقُوفِ (بِمُزْدَلِفَةَ) عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (غَدَاةَ) يَوْمِ (النَّحْرِ) أَيْ بَعْدَ فَجْرِهِ.

(وَ) يُسَنُّ (فِي) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَوَاضِعُ اجْتِمَاعٍ فَأَشْبَهَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُسَنُّ لِدُخُولِ الْبَيْتِ لَا لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ عَرَفَةَ، وَلَا لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ اكْتِفَاءً بِغُسْلِ الْعِيدِ، وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ الدُّخُولِ، وَلَا لِلْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَإِنْ جَزَمَ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى بِاسْتِحْبَابِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ

(وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (يُطَيِّبَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (بَدَنَهُ لِلْإِحْرَامِ) ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ شَابَّةً أَمْ عَجُوزًا خَلِيَّةً أَمْ لَا لِلِاتِّبَاعِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ التَّطَيُّبِ فِي ذَهَابِ الْأُنْثَى لَهَا بِأَنَّ زَمَانَ الْجُمُعَةِ وَمَكَانَهَا ضَيِّقٌ وَلَا يُمْكِنُهَا تَجَنُّبُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ.

نَعَمْ لَا تَطَيَّبُ الْمُحِدَّةُ (وَكَذَا ثَوْبُهُ) مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ يُسَنُّ تَطْيِيبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَدَنِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْزَعُ وَيُلْبَسُ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْبَابِ تَطْيِيبِ الثَّوْبِ الْمُحَرَّرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ كَوْنُهُ مُبَاحًا وَقَالَ: لَا يُنْدَبُ جَزْمًا، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِدَامَتِهِ) أَيْ الطِّيبِ فِي الثَّوْبِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) كَالْبَدَنِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، وَالْوَبِيصُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْوَاوِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْبَرِيقُ، وَالْمَفْرِقُ هُوَ وَسَطُ الرَّأْسِ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَيَحْصُلُ بِأَيِّ طِيبٍ كَانَ وَالْأَفْضَلُ الْمِسْكُ وَأَنْ يَخْلِطَهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي بَعْضِهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ كَافٍ لِجُمْلَتِهَا

(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَجِّ أَيْ زَمَنِهِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَدَاةَ النَّحْرِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ

(قَوْلُهُ: اكْتِفَاءٌ بِغُسْلِ الْعِيدِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ تَغَيُّرٌ فِي بَدَنِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اسْتِحْبَابِهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ فِي حَقِّ مَنْ اغْتَسَلَ لِدُخُولِ الْحَرَمِ قُرْبَ مَكَّةَ حَيْثُ تَغَيُّرِ رِيحُهُ، اسْتِحْبَابُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ كَغُسْلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَغُسْلِ الْعِيدِ مُحَصَّلٌ بِغُسْلِ الرَّمْيِ لِفِعْلِهِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَطَيُّبَ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازُ) أَيْ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: فِي مَفْرَقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى) هَذَا مُصَادَرَةٌ إذْ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>