بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَتَلْزَمُهَا إزَالَتُهُ كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ فِي وَجْهٍ (وَلَا بِطِيبٍ لَهُ جِرْمٌ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (لَكِنْ) (لَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبُ) وَرَائِحَةُ الطِّيبِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ (ثُمَّ لَبِسَهُ) (لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ.
وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثَّوْبِ خَلْعَهُ وَلُبْسَهُ فَجُعِلَ عَفْوًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَةُ الثَّوْبِ مَوْجُودَةً وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ مَاءً ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ امْتَنَعَ لُبْسُهُ بَعْدَ نَزْعِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا عِبْرَةَ بِانْتِقَالِ الطِّيبِ بِإِسَالَةِ الْعَرَقِ وَلَوْ تَعَطَّرَ ثَوْبُهُ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ) غَيْرَ الْمُحِدَّةِ (لِلْإِحْرَامِ) أَيْ لِإِرَادَتِهِ (يَدَهَا) أَيْ كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ فَقَطْ بِالْحِنَّاءِ وَلَوْ خَلِيَّةً وَشَابَّةً لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ، وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِكَشْفِهِ فَتَسْتُرُ بَشَرَتَهُ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ، وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ بِالْحِنَّاءِ إذَا كَانَ تَعْمِيمًا دُونَ التَّطْرِيفِ وَالنَّقْشِ وَالتَّسْوِيدِ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ، لَكِنْ لَا فِدْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَخَرَجَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْمُحِدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَيْضًا. وَيُسَنُّ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لِلْمُحْرِمَةِ آكَدُ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِلْخَلِيَّةِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ.
(وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ) بِالرَّفْعِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: رَأَيْت فِي الْأَصْلِ الَّذِي قَابَلْتُهُ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَيَتَجَرَّدُ مَضْبُوطًا بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى السُّنَنِ، وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْوُجُوبِ كَالرَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِسُنَّتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلطَّبَرِيِّ (لِإِحْرَامِهِ) بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (عَنْ مَخِيطٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ مُحِيطٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلَوْ لُبَدًا وَمَنْسُوجًا (الثِّيَابُ) وَنَحْوُهَا مِنْ خُفٍّ وَنَعْلٍ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الْمُتَّجَهَ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَوْنِ عِبَارَتِهِ بِالنَّصْبِ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ يُمْتَنَعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءُ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ عَدَمِ التَّجَرُّدِ بِالْوَطْءِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الصَّيْدَ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَلِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، لَكِنْ عِبَارَتُهُ فِي بَابِ مُحْرِمَاتِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ إلَخْ نَصَّهَا: وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسُهُ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مَتْجَرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا
(قَوْلُهُ: وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْله وَالتَّسْوِيدُ) زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بَلْ يَحْرُمُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى خَلِيَّةٍ وَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَيْسَ فِي خُصُوصِ الْمُحِدَّةِ بَلْ فِي عُمُومِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْوَجْهَانِ فِيهَا مَذْكُورَانِ حَتَّى فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ الْبَاحِثِ مَا ذَكَرَ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا الْمَبْتُوتَةُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَفِي وُجُوبِ إزَالَتِهِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ اهـ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ: وَلَوْ تَطَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي وَجْهٍ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ انْتَهَتْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ