للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَمْدَ (وَالنِّعْمَةَ لَكَ) بِنَصْبِ النِّعْمَةِ فِي الْأَشْهَرِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا: أَيْ إنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَالنِّعْمَةَ مُسْتَقِرَّةٌ لَكَ (وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَزِيدُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ، وَتُسَنُّ وَقْفَةٌ لَطِيفَةٌ عَلَى وَالْمُلْكَ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِلَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنْ يُكَرِّرَ التَّلْبِيَةَ جَمِيعَهَا ثَلَاثًا (وَإِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ) أَوْ يَكْرَهُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] أَيْ وَالْبَرْدَ (قَالَ) نَدْبًا (لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ) أَيْ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الدَّائِمَةَ الْهَنِيَّةَ (عَيْشُ) أَيْ حَيَاةُ الدَّارِ (الْآخِرَةِ) فَقَدْ قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَهُ فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِيهِمَا. .

وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ؟ وَجْهَانِ كَتَسْبِيحِ الصَّلَاةِ، وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ تَلْبِيَتِهِ. نَعَمْ يَرُدُّ السَّلَامَ نَدْبًا وَإِنْ كُرِهَ التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِعَارِضٍ كَإِنْقَاذِ نَحْوِ أَعْمَى يَقَعُ فِي مُهْلِكٍ.

(وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ صَلَّى) وَسَلَّمَ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَقِبَ فَرَاغِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي لِطَلَبِي ذَلِكَ، وَيَقُولُ ذَلِكَ بِصَوْتٍ أَخْفَضُ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ، قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: وَيُصَلِّي عَلَى آلِهِ (وَسَأَلَ اللَّهَ) بَعْدَ ذَلِكَ (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ مِنْ دِينٍ وَدُنْيَا.

قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَكَ وَلِرَسُولِكَ وَآمَنُوا بِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَوَفَوْا بِعَهْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت.

اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُرَادَ بِهَا النَّجَاسَةَ الْمُحَقِّقَةَ

(قَوْلُهُ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادَيْ: قَوْلُهُ لَبَّيْكَ إلَخْ، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ فَغَيْرُهُ يَقُول: اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَنْدَقِ حَجّ اهـ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ) أَيْ بِلُغَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ) . [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَلْبِيَتِهِ مَا أَرَادَهَا، فَلَوْ أَرَادَهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةِ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الصَّلَاةُ ثُمَّ الدُّعَاءُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِأُصَلِّ السُّنَّةِ.

وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَدْعُو عَقِبَ كُلِّ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَيَأْتِي بِالتَّلْبِيَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ الدُّعَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ إيضَاحِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْته اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ أَرَادَ.

قَالَ حَجّ: وَالْأَوْلَى صَلَاةُ التَّشَهُّدِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِضَاك وَالْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>