للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» (وَفِي قَوْلٍ) يُحْرِمُ (عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا.

نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ السَّابِعِ بِمَكَّةَ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيَتَقَدَّمُ إحْرَامُهُ مَسِيرَهُ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ مَسِيرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ غَيْرَهُ يُنَازِعُهُ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ غَرِيبٌ وَمُحْتَمَلٌ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُحْرِمِ (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ (وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الذِّكْرِ (بِهَا) رَفْعًا لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِكْثَارِ وَرَفْعِ: أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ لِمَا صَحَّ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» أَمَّا رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ، وَالْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ، فَإِنْ جَهَرَتْ كُرِهَ حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَذَانُهَا لِلْأَمْرِ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَهُنَا كُلُّ وَاحِدٍ مُشْتَغِلٌ بِتَلْبِيَةِ نَفْسِهِ عَنْ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ رَفْعٌ مُضِرٌّ بِنَحْوِ قَارِئٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. .

وَيُسَنُّ لِلْمُلَبِّي إدْخَالُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ حَالَ التَّلْبِيَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ (وَخَاصَّةً) هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَخْتُومٌ بِالتَّاءِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ خُصُوصًا، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ بِمَعْنَى خُصُوصًا؛ لِأَنَّ الْخَاصَّةَ تُطْلَقُ عَلَى خِيَارِ الشَّيْءِ، يُقَالُ خَاصَّةُ الْأَمِيرِ: أَيْ خِيَارُ جَمَاعَتِهِ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ هُنَا، بِخِلَافِ الْخُصُوصِ إذْ يُفِيدُ تَأْكِيدَ الطَّلَبِ وَهُوَ لَائِقٌ بِالْمَقَامِ: أَيْ يَتَأَكَّدُ (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ) مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اسْمُ مَكَانِ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَبِضَمِّهِ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَاخْتِلَاطُ رُفْقَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمْ: أَيْ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةٍ وَعِنْدَ نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ، وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَهُبُوبِ رِيحٍ، وَزَوَالِ شَمْسٍ. .

وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَفِي حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا حِينَئِذٍ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا تُسْتَحَبُّ) التَّلْبِيَةُ (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) أَوْ غَيْرِهِ كَإِفَاضَةٍ وَتَطَوُّعٍ وَسَعْيٍ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَذْكَارًا خَاصَّةً، وَإِنَّمَا خَصَّ طَوَافَ الْقُدُومِ بِالذِّكْرِ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْقَدِيمِ تُسْتَحَبُّ فِيهِ) وَفِي السَّعْيِ بَعْدَهُ وَفِي الْمُتَطَوِّعِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ (بِلَا جَهْرٍ) فِي ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ.

وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ فَلَا تُسْتَحَبُّ فِيهِمَا قَطْعًا.

(وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ لَبًّا وَأَلَبَّ بِهِ إلْبَابًا إذَا أَقَامَ بِهِ، وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ: أَيْ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنًّى مُضَافٌ أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَةِ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَ حَرْفُ النِّدَاءِ وَعُوِّضَ عَنْهُ الْمِيمُ (لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ) أَرَادَ بِنَفْيِ الشَّرِيكِ مُخَالَفَةَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا شَرِيكَ لَك إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ (إنَّ الْحَمْدَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى التَّعْلِيلِ: أَيْ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَأْتِي

(قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَضَرَّ لَتَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ أَجَانِبَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ خَالِيَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَفْعُ مُضِرٍّ) أَيْ ضَرَرًا يَحْتَمِلُ فِي الْعَادَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ

(قَوْلُهُ: وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَذْكَارِ عَلَى التَّلْبِيَةِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ وَعَدَمِ فَوَاتِهَا وَتَقْدِيمُ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَمَا يُقَالُ عَقِبَ الْأَذَانِ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعَ النَّجَاسَاتِ) أَيْ الْمُعَدَّةُ لِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ

(قَوْلُهُ: أَيْ اجْتِمَاعٌ) تَفْسِيرٌ لِلِاخْتِلَاطِ، وَقَوْلُهُ وَافْتِرَاقٌ لَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>