وَفَارَقَ صَلَاةَ الْمُمَيِّزِ لَهُمَا وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِأَنَّهُ مُحْرِمٌ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ، لَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ أَسَابِيعَ وَبَيْنَ رَكَعَاتِهَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ. .
وَمِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ نِيَّتُهُ إنْ كَانَ طَوَافَ نُسُكٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ دَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ فَنَوَى غَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ كَمَا فِي وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَوْلُهُمْ إنَّ الطَّوَافَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ: أَيْ إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ، وَ (يَقْرَأُ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا سُورَةَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ) يَقْرَأُ (فِي الثَّانِيَةِ) سُورَةَ (الْإِخْلَاصِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِمَا فِي قِرَاءَتِهِمَا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ (وَيَجْهَرُ) فِيهِمَا (لَيْلًا) مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا، وَقَوْلُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي النَّافِلَةِ الْمَفْعُولَةِ لَيْلًا التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا مَرَّ.
(وَفِي قَوْلٍ) (تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَشْوَاطِهِ وَأَبْعَاضِهَا (وَ) تَجِبُ (الصَّلَاةُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى بِالْأَمْرَيْنِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَلِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ لِاتِّحَادِ الْخِلَافِ فِيهِمَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ كَثِيرٍ بِلَا عُذْرٍ، فَلَوْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا كَالْوُضُوءِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَالْكَثِيرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِتَرْكِهِ تَرْكُ الطَّوَافِ، إمَّا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ أَوْ بِظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّهُ، وَمِنْ الْعُذْرِ إقَامَةُ مَكْتُوبَةٍ لَا جِنَازَةٍ وَرَاتِبَةٍ بَلْ يُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ لَهُمَا.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا كَانَ فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَسُنَّةٌ قَطْعًا، وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا لِانْتِفَاءِ رُكْنِيَّتِهِمَا وَشَرْطِيَّتِهِمَا، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَطُوفَ بِنَفْسِهِ.
(وَ) لِهَذَا (لَوْ) (حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) بِهِ عُذْرٌ مِنْ صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ لَمْ يَطُفْ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ (فَطَافَ بِهِ) وَلَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا (حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ) عَنْ الطَّوَافِ الَّذِي لِإِحْرَامِهِ كَرَاكِبٍ بَهِيمَةً، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ بِشَرْطِهِ، أَيْ الطَّوَافُ فِي حَقِّ الْمَحْمُولِ مِنْ طُهْرٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَدُخُولِ وَقْتٍ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْحَامِلِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ فَكَمَا لَوْ حَمَلَ حَلَالًا وَسَيَأْتِي أَوْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنْ نَوَاهُ الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ) وَمِنْ الْغَيْرِ مَسْأَلَةُ الْمَحْمُولِ الْآتِيَةُ وَالْمُرَادُ بِالطَّوَافِ الَّذِي لَا يُعَدُّ صَارِفًا أَنْ يَقْصِدَ بِفِعْلِهِ الطَّوَافَ لَكِنْ عَنْ غَيْرِ الْفَرْضِ، فَلَا يُقَالُ يُشْكِلُ مَا هُنَا بِمَا لَوْ جَهِلَ مُحْرِمًا وَنَوَى بِفِعْلِهِ الْمَحْمُولَ فَقَطْ حَيْثُ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ طَوَافَهُ عَنْ غَيْرِهِ بَلْ جَعَلَ دَوَرَانَهُ غَيْرَ طَوَافٍ حَيْثُ جَعَلَ نَفْسَهُ كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ لَيْلًا وَقَدْ قَدَّمْنَا خِلَافَهُ
(قَوْلُهُ: لَا جِنَازَةَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِهِ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ قَطْعِهِ
(قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَحْمُولِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي الْحَامِلِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُحْدِثًا وَعَارِيًّا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْحَامِلُ وَلِيًّا أَوْ مَأْذُونَهُ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ لِمَا مَرَّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْوَلِيِّ أَوْ مَأْذُونِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِتَرْكِهِ تَرْكُ الطَّوَافِ) كَذَا فِي النُّسَخِ. وَلَعَلَّ لَفْظَ بِتَرْكِهِ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ بِارْتِكَابِهِ
(قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْحَامِلِ) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لَهُمَا: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ، وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ قَرِيبٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِشَرْطِ الطَّوَافِ.