وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُتَكَتِّفًا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ إلَّا فِي حَالَةِ تَثَاؤُبِهِ فَيُسْتَحَبُّ وَتَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ أَوْ تَفَرْقُعُهَا وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ لَهُ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُتَنَقِّبَةً وَلَيْسَتْ مُحْرِمَةً وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى تَنْقِيبٍ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِهِ لَهَا كَوُجُودِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ وَتَطَوُّعُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ الطَّوَافِ. .
(وَ) ثَامِنُهَا (أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُجْزِئُ عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ فِي رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُمَا (خَلْفَ الْمَقَامِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ فِعْلَهُمَا خَلْفَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فَضِيلَةَ الِاتِّبَاعِ تَزِيدُ عَلَى فَضِيلَةِ الْبَيْتِ كَمَا أَنَّ مَا عَدَاهُمَا مِنْ النَّوَافِلِ يَكُونُ فِعْلُهُ فِي بَيْتِ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْكَعْبَةِ لِمَا ذُكِرَ. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ مَنْ ادَّعَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ فِي اللِّعَانِ: أَفْضَلُ بِقَاعِهِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ لَيْسَتْ لِأَفْضَلِيَّتِهِ بَلْ لِلِاتِّبَاعِ، وَإِلَّا لَكَانَتْ فِي الْكَعْبَةِ أَفْضَلِ مُطْلَقًا، ثُمَّ بِالْحَجَرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ، ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ.
ثُمَّ فِي بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَسْجِدِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْكَعْبَةُ مَفْتُوحَةً كَانَ فِعْلُهُمَا فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْحِجْرِ وَفِي سَائِرِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ تَقْدِيمُ الْحِجْرِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ ظَنِّيٌّ فَتَقْدِيمُ الْكَعْبَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى، ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ إشْعَارٌ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ فِي تَقْدِيمِهِمْ لِلْحَجَرِ عَلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ جِهَتَهُ أَفْضَلُ مِنْ جِهَتِهَا خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهَا فِيهِ لَيْسَتْ لِأَفْضَلِيَّةِ جِهَتِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهَا، ثُمَّ بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْحَرَمِ، ثُمَّ فِي بَيْتِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ مَكَّةَ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، ثُمَّ بِالْحَرَمِ، ثُمَّ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِيمَا شَاءَ مِنْ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ. وَيُسَنُّ لِمَنْ أَخَّرَهُمَا إرَاقَةُ دَمٍ وَإِنْ صَلَّاهُمَا فِي الْحَرَمِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَيُصَلِّيهِمَا الْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَالْأَجِيرُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَوْ مَعْضُوبًا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِطَرَفِ ثَوْبِهِ.
أَمَّا إلْقَاؤُهُ فِي أَرْضِ الْمَطَافِ فَحُرِّمَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَخْ) وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنَيْنِ
(قَوْلَةُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ) أَيْ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ ثُمَّ فِي بَقِيَّتِهِ) حَجّ وَزَادَ فَالْحَطِيمُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْحَجَرِ إلَى وَجْهٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) زَادَ فِي حَجّ فَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُمَا فَرِيضَةٌ وَنَافِلَةٌ؟ قُلْت: لَا يَضُرُّ هَذَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بَعْدَ الطَّوَافِ أَصْلًا، أَوْ صَلَّى لَكِنْ بَقِيَ سُنَّةُ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ) أَيْ فَيَكُونُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ بِشَاةٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ بِصِيَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ (قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَهُمَا الْوَلِيُّ لَهُمَا وَالْأَجِيرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ دَمٌ وَيَسْقُطَ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ مَا يُقَابِلُ الرَّكْعَتَيْنِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ) خَبَرُ إنَّ، وَمُرَادُهُ بِكَلَامِهِمْ مَا قَالُوهُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِ الرَّكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ قَوْلِ مَنْ ادَّعَى، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ بِالْفَاءِ أَوْ الْوَاوِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهِمَا إلَخْ) هُوَ وَجْهُ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ) أَيْ مِنْ الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ) صَادِقٌ مَعَ الْبُعْدِ فَيُفِيدُ مَعَ الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ صَلَاتَهُمَا فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْقُرْبِ وَلَوْ جِدًّا مِنْ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَابِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُرَادٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَابِ عَلَى مَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute