مَغْفُورًا) أَيْ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا (وَسَعْيًا مَشْكُورًا) وَالسَّعْيُ هُوَ الْعَمَلُ، وَالْمَشْكُورُ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ هَذَا إنْ كَانَ حَاجًّا.
أَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي دُعَاءِ الْمَطَافِ، وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يَضْطَبِعَ) الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ) لِلِاتِّبَاعِ (وَكَذَا) يَضْطَبِعُ (فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرِيرِهَا وَسَوَاءٌ اضْطَبَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَهُ أَمْ لَا.
وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِكَرَاهَةِ الِاضْطِبَاعِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ، وَلَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ لَا يُسَنُّ فِيهِ رَمَلٌ (وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَفْصَحِ (تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ) مَكْشُوفًا (وَ) جَعْلُ (طَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ، وَالِاضْطِبَاعُ افْتِعَالٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْعَضُدِ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ) وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ (وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالرَّمَلِ تَتَبَيَّنُ أَعْطَافُهَا، وَبِالِاضْطِبَاعِ يَنْكَشِفُ مَا هُوَ عَوْرَةٌ مِنْهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُحَرِّرِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادُ فَسَبَبُهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ بَلْ بِأَهْلِ الشَّطَارَةِ مِنْهُمْ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا يَأْبَى ذَلِكَ، فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ قَصْدِ التَّشْبِيهِ.
(وَ) سَادِسُهَا (أَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) لِشَرَفِهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالِاحْتِيَاطُ الْإِبْعَادُ عَنْ الْبَيْتِ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ، وَالْكَرْمَانِيُّ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ الطَّوَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَبْعُدُ بِأَرْبَعِ خَطَوَاتٍ وَهُوَ غَرِيبٌ، وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الشَّاذَرْوَانِ أَمَّا حِينَ ظُهُورِهِ فَلَا احْتِيَاطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْقُرْبِ مِنْ الْبَيْتِ مَا لَمْ يَتَأَذَّ أَوْ يُؤْذِ بِالزِّحَامِ وَإِلَّا فَالْبُعْدُ أَوْلَى.
وَمِنْ ثَمَّ نُدِبَ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ آخِرِهِ فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامُ وَلَوْ بِالزِّحَامِ مُرَادُهُ خِلَافًا لِمَا وَهَمَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الزِّحَامَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَأَذِّي فِيهِ وَلَا إيذَاءَ فَيَتَوَقَّاهُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ آخِرِهِ.
وَيُسَنُّ لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى أَنْ لَا يَقْرَبَا فِي حَالِ طَوَافِ الذُّكُورِ بَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ بِحَيْثُ لَا تَحْصُلُ مُخَالَطَتُهُمْ (فَلَوْ) (فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ) مِنْ الْبَيْتِ (لِزَحْمَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً مَعَ الْقُرْبِ يَرْمُلُ فِيهَا لَوْ انْتَظَرَ (فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ) عَنْهُ إلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ (أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكَانِهَا وَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْبُعْدَ الْمُوجِبَ لِلطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ مَكْرُوهٌ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِهِ، فَإِنْ رَجَا فُرْجَةً وَقَفَ لِيَرْمُلَ فِيهَا إنْ لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِوُقُوفِهِ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِأَنْ كُنَّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) مِنْ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ لِئَلَّا يَنْتَقِضَ طُهْرُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ وَتَعَذَّرَ الرَّمَلُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ لِخَوْفِ لَمْسِهِنَّ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى.
وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَرَّكَ فِي مَشْيِهِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ كَمَا فِي الْعَدْوِ فِي السَّعْيِ.
(وَ) سَابِعُهَا (أَنْ يُوَالِيَ) الطَّائِفُ (طَوَافَهُ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَيَجُوزُ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ لِخَبَرِ «إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ» غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا فِي خَيْرٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَجَوَابِ مُسْتَفْتٍ، وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ بِالِاتِّسَاعِ فِي الْإِحْسَانِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ) الشَّاطِرُ الَّذِي أَعْيَا أَهْلَهُ خُبْثًا اهـ مُخْتَصَرُ صِحَاحٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْرُبَا) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرُبَ مِنْ كَذَا وَبِفَتْحِهَا مِنْ قَرِّبْهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُتَعَدِّيًا، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَلَّا يَقْرُبَا مِنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي أَنْ لَا يَقْرَبَاهُ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ) عِبَارَةُ الْمُحَلَّى إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ وَإِذَا فَعَلَهُ فَلْيَكُنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .