للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ، وَمَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِلَّا فَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ: اللَّهُمَّ) وَفِي الْمَجْمُوعِ رَبَّنَا (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَقِيلَ الْعِلْمُ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ الْعَفْوُ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا أَحَبُّ مَا يُقَالُ فِي الطَّوَافِ إلَيَّ وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي كُلِّهِ: أَيْ الطَّوَافِ (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْمَنْقُولُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ وَ (مِنْ الْقِرَاءَةِ) فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ (وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ ذِكْرٍ، وَالْقُرْآنُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لِخَبَرِ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ» . وَيُسَنُّ إسْرَارُ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ وَيُرَاعِي ذَلِكَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ اغْتِنَامًا لِلثَّوَابِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ.

(وَ) رَابِعُهَا (أَنْ يَرْمُلَ) الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا (فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) مُسْتَوْعِبًا بِهِ الْبَيْتَ، وَيُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الطَّوْفَاتِ أَشْوَاطًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ اخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَدَمَهَا، وَلَا يَخْتَصُّ الرَّمَلُ بِالْمَاشِي بَلْ الْمَحْمُولُ يَرْمُلُ بِهِ حَامِلُهُ وَالرَّاكِبُ يُحَرِّكُ دَابَّتَهُ (بِأَنْ يُسْرِعَ) الطَّائِفُ (مَشْيُهُ مُقَارِبًا خُطَاهُ) لَا عَدْوَ فِيهِ وَلَا وَثْبَ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ (وَيَمْشِي فِي الْبَاقِي) مِنْ طَوَافِهِ عَلَى هَيِّنَتِهِ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ «رَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ مَعَ زَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى فَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَأَنْ يَمْشُوا أَرْبَعًا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا أَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحْضِرُ بِهِ سَبَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظُهُورُ أَمْرِهِمْ فَيَتَذَكَّرُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ» . وَيُكْرَهُ تَرْكُ الرَّمَلِ بِلَا عُذْرٍ، وَلَوْ تَرَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَقْضِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السُّكُونُ فَلَا تُغَيَّرُ كَالْجَهْرِ لَا يُقْضَى فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَتَى بِهِ فِي بَاقِيهَا (وَيَخْتَصُّ الرَّمَلُ) وَيُسَمَّى خَبَبًا (بِطَوَافٍ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ) مَطْلُوبٌ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِذَلِكَ (وَفِي قَوْلٍ) يَخْتَصُّ (بِطَوَافِ الْقُدُومِ،) (وَلْيَقُلْ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَلِهِ نَدْبًا (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ (حَجًّا مَبْرُورًا) وَهُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ، وَقِيلَ مُتَقَبَّلًا (وَذَنْبًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَدَلُ اللَّهُمَّ وَفِي الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ رَبَّنَا: أَيْ بَدَلَ اللَّهُمَّ وَفِي الرَّوْضَةِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا (قَوْلُهُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) عِبَارَةُ حَجّ فِيهِمَا أَقْوَالٌ كُلٌّ مِنْهَا عَيَّنَ أَهَمَّ أَنْوَاعِ الْحَسَنَةِ عِنْدَهُ وَهُوَ كَالتَّحَكُّمِ فَالْوَجْهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَوَّلِ كُلُّ خَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ يَجُرُّ لِخَيْرٍ أُخْرَوِيٍّ، وَبِالثَّانِيَةِ كُلُّ مُسْتَلَذٍّ أُخْرَوِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَالرُّوحِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إسْرَارُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ الْغَلَطَ عِنْدَ الْإِسْرَارِ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ) أَيْ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ الْخَبَبُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَعْضٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَفْهَمَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>