للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَأْسَ بِالنَّوْمِ) وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا كَمَا فِي الصَّوْمِ.

(وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ) حِينِ (الزَّوَالِ) لِلشَّمْسِ (يَوْمَ عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا مُضِيُّ قَدْرِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ الزَّوَالِ بَلْ جَوَّزَهُ أَحْمَدُ قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ شَاذٌّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ التَّسْهِيلُ عَلَى الْحَاجِّ لِكَثْرَةِ أَعْمَالِهِ فَوَسَّعَ لَهُ الْوَقْتَ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ بِاشْتِرَاطِ تَوَقُّفِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ الْمُضَحِّي (وَالصَّحِيحُ بَقَاؤُهُ إلَى الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالثَّانِي لَا يَبْقَى إلَى ذَلِكَ بَلْ يَخْرُجُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ (وَلَوْ) (وَقَفَ نَهَارًا) بَعْدَ الزَّوَالِ (ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَ (أَرَاقَ دَمًا اسْتِحْبَابًا) كَدَمِ التَّمَتُّعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْأَصْلُ فِي تَرْكِ النُّسُكِ وُجُوبُ الدَّمِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلِ (وَإِنْ عَادَ) إلَيْهَا (فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ بِلَا دَمٍ) يُؤْمَرُ بِهِ جَزْمًا لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا إنْ عَادَ) إلَيْهَا (لَيْلًا) فَلَا دَمَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ.

وَالثَّانِي يَجِبُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ (وَلَوْ) (وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا) أَيْ لِأَجْلِ الْغَلَطِ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ كَأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا الْحِجَّةَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ كَانَ وُقُوفُهُمْ بَعْدَ تَبَيُّنِ أَنَّهُ الْعَاشِرُ كَمَا إذَا ثَبَتَ لَيْلًا وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ فَيَصِحُّ لِلْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالْقَضَاءِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ غَلَطًا مَفْعُولٌ لَهُ لَا حَالٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْقِعْدَةِ: أَيْ الْهِلَالُ الْفَاصِلُ بَيْنَ ذِي الْقِعْدَةِ وَالْحِجَّةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ وَإِذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ رَمْيُ يَوْمِ نَحْرِهِ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَتَقَدَّمَ الْوُقُوفُ وَلَا ذَبْحَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ الْحَادِي عَشَرَ وَمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ تَمْتَدُّ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ وُقُوفَهُمْ فِي الْعَاشِرِ يَقَعُ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا، وَقَدْ قَالُوا: لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلُ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ، يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «وَعَرَفَةُ يَوْمُ يَعْرِفُ النَّاسُ» .

وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ الْإِجْزَاءَ كَالْعَاشِرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ وَإِفْتَاءِ الْوَالِدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ يَقِفُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَقَدَّمَ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ مَحْجُورِهِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْحِسَابِ) أَيْ فَلَا يَجْزِيهِمْ حَجُّهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ بَعْدَ تَحْرِيرِ الْحِسَابِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ الْإِجْزَاءَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فَيَقَعُ حَجُّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا

(قَوْلُهُ: لَا حَالٌ) أَيْ لِأَنَّ الْحَالَ مُقَيَّدَةٌ فَيُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ قَاصِرٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْوُقُوفُ فِي حَالِ الْغَلَطِ فَتَخْرُجُ الصُّورَةُ الْمَارَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مَا إذَا رَفَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُهُمْ وَوَجْهُهُ نِسْبَتُهُمْ إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِسَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ الْمَخْصُوصِ فِي غَيْرِ الْغَلَطِ الْمَارِّ وَإِلَّا فَهُوَ يَقْضِي بِالْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>