للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طُرُوِّ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا دَمٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ

(وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ، وَلِمَا مَرَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» (وَيَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ) بِمُزْدَلِفَةَ (مُغْلِسِينَ) لِلِاتِّبَاعِ، وَيَتَأَكَّدُ التَّغْلِيسُ هُنَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ، وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَنْبَغِي الْحِرْصُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ هُنَاكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (ثُمَّ يَدْفَعُونَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ (إلَى مِنًى) وَشِعَارُهُمْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ التَّلْبِيَةُ وَالتَّكْبِيرُ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَأْخُذُونَ) عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ لِيَعُمَّ الضَّعَفَةَ وَغَيْرَهُمْ لَا عَلَى يَدْفَعُونَ؛ لِأَنَّهُ يُقَصِّرُ النَّدْبَ عَلَى غَيْرِ الضَّعَفَةِ وَالنِّسَاءِ (مِنْ مُزْدَلِفَةَ) نَدْبًا (حَصَى الرَّمْيِ) لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لِمَا صَحَّ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَضْلِ بِأَنْ يَلْتَقِطَ لَهُ مِنْهَا حَصًى، قَالَ: فَالْتَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْحَذْفِ؛ وَلِأَنَّ بِهَا جَبَلًا فِي أَحْجَارِهِ رَخَاوَةٌ؛ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُعَرِّجَ عِنْدَ دُخُولِهِ مِنًى عَلَى غَيْرِ الرَّمْيِ فَأُمِرَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْهُ، وَالسُّنَّةُ أَخْذُهُ لَيْلًا لِفَرَاغِهِمْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ نَهَارًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

وَالِاحْتِيَاطُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى السَّبْعِ فَرُبَّمَا سَقَطَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَيَجُوزُ أَخْذُ حَصَى رَمْيِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ.

نَعَمْ يُكْرَهُ مِنْ الْحِلِّ وَالْمَسْجِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَيْهِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَلَامُهُمَا فِي الْكَرَاهَةِ السَّابِقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمِرْحَاضِ لِنَجَاسَتِهِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَوْضِعٍ نَجِسٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَمِمَّا رَمَى بِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسَدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، فَإِنْ رَمَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَ، وَفَارَقَ إجْزَاءَ مَا رَمَى بِهِ عَدَمُ جَوَازِ طُهْرٍ بِمَاءٍ تَطَهَّرَ بِهِ بِأَنَّ الطُّهْرَ بِالْمَاءِ إتْلَافٌ لَهُ كَالْعِتْقِ فَلَمْ يَتَطَهَّرْ بِهِ أُخْرَى كَمَا لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَرَّتَيْنِ، وَالْحَجَرُ كَالثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَوَاتٍ، وَسَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ مَوْضِعِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَارِ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَقَالَ ابْنُ كَجٍّ تُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ وَارْتَضَاهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا يُؤْخَذُ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا مِنْ مِنًى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(فَإِذَا) دَفَعُوا إلَى مِنًى وَ (بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَشْهَرِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا: جَبَلٌ صَغِيرٌ آخِرُ الْمُزْدَلِفَةِ اسْمُهُ قُزَحٌ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالزَّايِ، وَسُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّعَارِ وَهِيَ مَعَالِمُ الدِّينِ (الْحَرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ (وَقَفُوا) عَلَيْهِ نَدْبًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِذِكْرِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْظِيرُ الْإِمَامِ السَّابِقِ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ) إنْ أَرَادُوا تَعْجِيلَ الرَّمْيِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ لَهُمْ تَأْخِيرُهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهِمْ اهـ حَجّ: أَيْ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الرَّمْيِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ مَجِيءِ غَيْرِهِمْ وَازْدِحَامِهِمْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: مُغْلِسِينَ) أَيْ بِأَنْ يَصِلُوا عَقِبَ الْفَجْرِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ) وَهُوَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَالذَّالِ السَّاكِنَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَيْهِ) أَيْ الْمَسْجِدُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمِرْحَاضِ) اسْمٌ لِلْحُشِّ ظَاهِرُهُ وَإِنْ غَسَلَهُ (قَوْلُهُ: بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّعَارِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالشِّعَارُ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ.

قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ شِعَارَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالشِّعَارُ بِالْكَسْرِ مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنْ الثِّيَابِ، وَشِعَارُ الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ عَلَامَتُهُمْ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَعَلَيْهِ فَكَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْحُصُولِ هُنَاكَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ غَيْرُ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ فَلَا نَقُولُ بِهِ هُنَا لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ) يَلْزَمُ عَلَيْهِ إيهَامُ أَنَّهُ وَاجِبٌ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْحَصَى وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>