للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَوْدِهِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ، أَمَّا لَوْ عَادَ لِيَطُوفَ فَمَاتَ قَبْلَ الطَّوَافِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ (أَوْ) عَادَ (بَعْدَهَا) وَطَافَ (فَلَا) يَسْقُطُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ عَلَى مَنْ وَصَلَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لِلْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَصِلْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، وَإِنْ خَرَجَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ بُلُوغَهَا كَمُجَاوَزَتِهَا وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَسْقُطُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى.

(وَلِلْحَائِضِ النَّفْرُ بِلَا) طَوَافِ (وَدَاعٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَخَبَرِ عَائِشَةَ «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» نَعَمْ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ لِتَطُوفَ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَهُرَتْ خَارِجَ مَكَّةَ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ النُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ رَجَعَتْ لِحَاجَةٍ بَعْدَمَا طَهُرَتْ اتَّجَهَ وُجُوبُ الطَّوَافِ وَهَلْ يَلْحَقُ الْمَعْذُورُ لِخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ فَوْتِ رُفْقَةٍ بِالْحَائِضِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ، وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ قَالَ: لِأَنَّ مَنْعَ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ عَزِيمَةٌ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَهَا أَنْ تَطُوفَ، فَلَوْ لَمْ تَطُفْ لِلْوَدَاعِ فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ لَا عَوْدَ عَلَيْهَا إنْ نَفَرَتْ فِي حَيْضِهَا، فَإِنْ نَفَرَتْ فِي طُهْرِهَا لَزِمَهَا الْعَوْدُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَمَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَبْقَى عَلَى إحْرَامِهَا وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ نَعَمْ لَوْ عَادَتْ إلَى بَلَدِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ عَادِمَةَ النَّفَقَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ كَانَ حُكْمُهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ وَتُقَصِّرُ وَتَنْوِي التَّحَلُّلَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأُيِّدَ بِكَلَامٍ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً تُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي أَنَّهَا تَهْجُمُ وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ وَتَأْثَمُ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا، وَيُجْزِيهَا هَذَا الطَّوَافُ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا فِي بَقَائِهَا عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ حَافِيًا وَأَنْ لَا يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى سَقْفِهِ وَلَا يَنْظُرَ إلَى أَرْضِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَحَيَاءً مِنْهُ، وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْبَابَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَأَنْ يَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقُ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ: أَيْ بِالْمَأْثُورِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ الْبَيْتَ بَيْتُك وَالْعَبْدَ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى صَيَّرْتنِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَفِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ) يُشْعِرُ بِجَوَازِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّمِ بِالْعَوْدِ نَعَمْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) الَّذِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَجَرَى عَلَيْهِ سم تَبَعًا لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ دُخُولُ الْقِيَاسِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ) أَيْ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَادَتْ) أَيْ شَرَعَتْ فِي الْعَوْدِ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ) أَيْ وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ فَتُحْرِمَ وَتَأْتِيَ بِهِ فَإِنْ مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ حَجَّ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

[مَسْأَلَةٌ] قَالَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطَّبَلَاوِيُّ: سُئِلَ شَيْخِنَا سم عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةِ الْمَذْهَبِ طَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَاهِلَةً بِذَلِكَ أَوْ نَاسِيَةٍ ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إلَى بِلَادِ الْيَمَنِ فَنَكَحَتْ شَخْصًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ طَوَافِهَا فَأَرَادَتْ أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مِمَّا مَرَّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ مِنْ النُّسَخِ أَحَدُهُمَا لَا يُلْحَقُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْكَتَبَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي عَقِبَهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>