للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَقَ رِيحِهِ فَقَطْ بِأَنْ عَلِمَ بِهِ وَظَنَّ كَوْنَهُ يَابِسًا لَا يَعْبَقُ بِهِ عَيْنُهُ وَكَانَ رَطْبًا وَعَبِقَتْ بِهِ فَدَفَعَهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ بِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسِهِ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مُتَجَمِّرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا، بِخِلَافِ احْتِوَائِهِ عَلَى مِجْمَرَةٍ بِأَنْ يَجْعَلَهَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ لَيْسَ إلَّا بِذَلِكَ، لَكِنْ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ طَرَحَهُ فِي نَارٍ أَمَامَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ تَحْتَهُ حَرُمَ، وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَبِقَتْ الْعَيْنُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ حَرُمَ وَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ وَمَتَى عَبِقَ الرِّيحُ فَقَطْ فَلَا وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ، وَالْمَاءُ الْمُبَخَّرُ كَالثَّوْبِ فِيمَا ذَكَرَ، وَتَجِبُ بِنَوْمٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ وُقُوفٍ بِفِرَاشٍ أَوْ مَكَان مُطَيَّبٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَبِسَبَبِ تَوَانٍ فِي دَفْعِ مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الطِّيبِ بِنَفْضٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ كَانَ الْمُلْقَى رِيحًا، إذْ الِاسْتِدَامَةُ هُنَا كَالِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ الْمُمَاسَّةَ وَطَالَ زَمَنُهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْإِزَالَةُ.

وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ نَزْعُ الثَّوْبِ مِنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَقُّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِلُبْسِهِ كَمَا اقْتَصَّاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِلَمْ يَلْزَمْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ قِيمَتُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُبَادَرَتَهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ قَطَعَتْ النَّظَرَ عَنْ كَوْنِهِ إضَاعَةَ مَالٍ. نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُزِيلُهُ حَيْثُ لَا تَرَاخِيَ فِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ وَفَقْدِ مَنْ يُزِيلُهُ أَوْ أُجْرَتِهِ بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ أَوْ كَوْنُهَا زَائِدَةً عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَا فِدْيَةَ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَفَى مَاؤُهُ لِإِزَالَتِهِ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ أَزَالَهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ، وَإِطْلَاقُ جَمْعٍ كَنَصِّ الْأُمِّ تَقْدِيمَ إزَالَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَاءُ، وَلَا تَجِبُ بِحَمْلِ مِسْكٍ فِي فَارَةٍ لَمْ تُشَقَّ عَنْهُ أَوْ وَرْدٍ فِي نَحْوِ مِنْدِيلٍ وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ أَوْ قَصَدَ التَّطَيُّبَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ لَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَطَيِّبًا، فَإِنْ فُتِحَتْ الْخِرْقَةُ أَوْ شُقَّتْ الْفَارَةُ وَجَبَتْ كَمَا قَالُوهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ حَمْلَ الْفَارَةِ الْمَشْقُوقَةِ أَوْ الْمَفْتُوحَةِ لِمُجَرَّدِ النَّقْلِ لَا يَضُرُّ غَيْرُ بَعِيدٍ إنْ لَمْ يَشُدَّهَا فِي ثَوْبِهِ وَقَصَرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُتَطَيِّبًا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَسِّ الْيَابِسِ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ لَزِقَ بِهِ عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَهُ بِنَحْوِ يَدِهِ أَوْ خِرْقَةٍ غَيْرِ مَشْدُودَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ النَّقْلَ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ.

وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ لِمَنْ طَهُرَتْ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَنْ تَسْتَعْمِلَ قَلِيلَ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ لِإِزَالَةِ الرِّيحِ الْكَرِيهِ لَا لِلتَّطَيُّبِ كَالْمُعْتَدَّةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَمْرَ الطِّيبِ أَخَفُّ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ لَا الْإِحْرَامِ، لَكِنَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ مَنَعَ الْمُحْرِمَةَ مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا، وَفِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ شِرَاءُ الطِّيبِ وَمَخِيطٍ وَأَمَةٍ اهـ.

وَبِمَا أَطْلَقَهُ فِي الْأَمَةِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ، لَكِنْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا، وَظَاهِرُهُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ لِلْخِدْمَةِ وَالتَّسَرِّي وَوُجِّهَ بِأَنَّهَا بِالْقَصْدِ تَتَأَهَّلُ لِلْفِرَاشِ (وَدُهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) لِلْمُحْرِمِ (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَيِّبًا كَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَشَحْمٍ وَشَمْعٍ ذَائِبَيْنِ وَمُعْتَصَرٍ مِنْ نَحْوِ حَبٍّ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ، وَأَلْحَقَ بِهِمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَائِرَ شُعُورِ الْوَجْهِ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ: لَا يَلْحَقُ بِهَا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ اهـ.

قِيلَ وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دِينِهِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا فَضْلُهُ عَنْ الدِّينِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مُعْتَمَدٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إلَّا شَعْرَ الْخَدِّ وَالْجَبْهَةِ، وَيُوَجَّهُ بِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ) هُوَ قَوْلُهُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءُ الْوُضُوءِ بَعْدُ لِلْوُضُوءِ يَكْفِي الْإِزَالَةُ لِلتَّطَيُّبِ وَكَانَ يَكْفِي إزَالَتُهُ إنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَدَّمَ إزَالَةَ التَّطَيُّبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>