للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَطِيرُ كَصَقْرٍ وَبَازٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ، وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرَ كَخَنَافِسَ وَجِعْلَانٍ وَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ، وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالنَّحْلِ وَالْخُطَّافِ وَالضُّفْدُعُ وَالْهُدْهُدُ وَالْقِرْدُ، أَمَّا غَيْرُ السُّلَيْمَانِيِّ وَهُوَ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْخَطَّابِيِّ، وَكَذَا بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ، وَخَرَجَ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ ذِئْبٍ وَشَاةٍ، وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ أَحَدُهُمَا وَحْشِيٍّ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَذِئْبٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالْمَشْكُوكِ فِي تَوَحُّشِهِ أَوْ أَكْلِهِ أَوْ أَكَلَ أَوْ تَوَحَّشَ أَحَدُ أُصُولِهِ نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ (وَكَذَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) الِاصْطِيَادُ الْمَذْكُورُ (فِي الْحَرَمِ عَنْ الْحَلَالِ) وَلَوْ كَافِرًا مُلْتَزِمًا لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: ٩٦] أَيْ أَخْذُهُ " مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» الْحَدِيثَ، وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَبِالتَّنْفِيرِ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ الْإِمْسَاكِ وَالْجَرْحِ بِالْأَوْلَى.

(فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا (ضَمِنَهُ) بِمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] الْآيَةَ، وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ أَوْ كَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ وَجَاهِلِ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَيَّدَ الْمُتَعَمِّدَ فِي الْآيَةِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَحْرُمَ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ، وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا، فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: تَقُومُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيَنْظُرُ نَقْصَ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ) أَيْ فَيَكُونُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ قَتْلِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ نَصُّهَا: وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ الْهِرَّةُ فَيَحْرُمُ قَتْلُهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ) هَذَا الْقِسْمُ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ ضَابِطًا يُعْلَمُ مِنْهُ كُلُّ مَا يَحْرُمُ، بَلْ قَضِيَّةُ التَّقْسِيمِ السَّابِقِ عَدَمُ حُرْمَةِ قَتْلِ مَا ذُكِرَ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَقَدْ جَعَلَ قَتْلَهُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَالْخُطَّافِ) أَيْ الْمُسَمَّى بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَتْلُهُ) بَلْ يُنْدَبُ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ) أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ عَضَدَ الشَّجَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ وَعَضَّدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَعَانَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ) هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تَسْقُطُ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَتُهُ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ الْمَغْرُومِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْأُمُّ قُوِّمَ اللَّبَنُ مُسْتَقِلًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٩٦] إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ الْخَامِسُ اصْطِيَادُ كُلِّ مَأْكُولٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: ٩٥] إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِلْحَلَالِ بِالْحَرَمِ، فَهُوَ إنَّمَا قِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ كَمَا يَأْتِي وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ وَإِلَّا فَالْكَافِرُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَصَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّارِحِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>