وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْبَيْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَذَرًا أَوْ مَذَرًا مِنْ النَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ ضَمِنَ قِشْرَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً إذْ يُنْتَفَعُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَذَرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَسَرَهُ عَنْ فَرْخٍ فَمَاتَ وَجَبَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَلَوْ نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ أَوْ أَحْضَنَ بَيْضَهُ دَجَاجَةٌ وَفَسَدَ بِبَعْضِ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ حَتَّى لَوْ تَفَرَّخَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ مَعَ الضَّمَانِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الضَّمَانُ لِلْآدَمِيِّ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ، لَكِنَّ الْمَغْرُومَ لِحَقِّ اللَّهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْمِثْلِ ثُمَّ الْقِيمَةِ، وَالْمَغْرُومُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا.
وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ بِذَلِكَ فَقَالَ:
عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا
قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا
وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ فِي الْحَرَمِ بِأَنْ صَادَهُ فِي الْحِلِّ فَمَلَكَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى حَلَالٍ، التَّعَرُّضُ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ ذَبْحٍ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ لِإِحْرَامِهِ، وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِإِحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ضَمِنَهُ وَيَصِيرُ مُبَاحًا فَلَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكَيْهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ السَّعْيَ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِيُطْلِقَهُ لَكِنْ تَرَدَّدُوا فِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ اهـ.
تَرَدَّدَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الصَّبِيُّ صَيْدًا هَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ؟ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّعَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ) أَيْ بَدَلَ الْفَرْخِ أَمَّا الْبَيْضُ فَإِنْ كَانَ مِنْ النَّعَامِ ضَرَّ قِشْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَمْتَنِعَ) أَيْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ) أَيْ قَاعِدَتَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ) وَانْظُرْ هَلْ يَصِيرُ مَيْتَةً كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ إحْرَامِ الذَّابِحِ وَكَوْنِ الصَّيْدِ لَيْسَ حَرَمِيًّا (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ) أَيْ بِإِحْرَامِ مَالِكِهِ فَلَا غُرْمَ بِإِرْسَالِ غَيْرِهِ لَهُ أَوْ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الشَّرِيكَ غَيْرَ الْمُحْرِمِ لَهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ فَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَرَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) بِأَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِيُطْلِقَهُ) أَيْ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ) الظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ لَكِنْ قَالَ سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته آنِفًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَتَعْبِيرُ الْإِمَامِ بِلُزُومِ الدَّفْعِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ الْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ مَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ تَأَتِّي إطْلَاقِ حِصَّتِهِ عَلَى مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفِهِ فَلَا يُقَالُ قَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ أَوْ يَرْضَى بِشِرَائِهِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي خُرُوجِهِ
[حاشية الرشيدي]
لَكِنْ لَك مَنْعُهُ بِأَنَّ الْآيَةَ فِي خُصُوصِ الْمُحْرِمِ وَعَامَّةٌ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مُبَاحًا) يَعْنِي يَسْتَمِرُّ عَلَى إبَاحَتِهِ الْمُسْتَصْحَبَةِ مِنْ حَالِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute