وَيَغْرَمُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ صَيْدٍ وَلَهُ قَرِيبٌ مُحْرِمٌ وَرِثَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي بَيْنَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِرْسَالِ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ فَلَا يَزُولُ قَهْرًا، وَدُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ.
وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْإِرْثِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا، فَكَوْنُهُ فِي الْإِحْرَامِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ، وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَمَّا سَيَمْلِكُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ إذْ الِابْتِدَاءُ أَقْوَى مِنْ الدَّوَامِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَلَوْ بِالْإِرْثِ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا تَجَدَّدَ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَحْوِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ ضَعْفٌ عَنْ مَنْعِ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ فَلْيَضْعُفَ عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَوْلَى.
وَقَوْلُهُ دُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا إذْ مَا سَيَمْلِكُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مَظْنُونٍ غَالِبًا فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الرِّضَا إنْ سَلِمَ وُجُودُهُ، وَكَمَا مَنَعَ الْإِحْرَامُ دَوَامَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ اخْتِيَارًا كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ نَحْوَ شِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا نَحْوَ هِبَةٍ، ثُمَّ إنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَالْهِبَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ ضَمَانُ الْجَزَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَيَكُونَ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ، وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ كَوْنُ الصَّائِدِ مُمَيِّزًا لِيَخْرُجَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَمَنْ انْقَلَبَ عَلَى فَرْخٍ وَضَعَهُ الصَّيْدُ فِي فِرَاشِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَتْلَفَهُ.
وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ حَقُّ اللَّه تَعَالَى فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ أَصَالَةً وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ، إذْ مِنْهَا الصِّيَامُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفِدْيَةِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ) أَيْ شَخْصٌ غَيْرُ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: وَرِثَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَوَقَّفَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ وَبَيْنَ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ) : أَيْ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ رَدُّهُ عَلَى التَّحَلُّلِ، وَلَيْسَ رَدُّهُ فَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ: وَضْعُهُ الصَّيْدَ فِي فِرَاشِهِ) أَيْ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ كَانَ الصَّيْدُ حَقًّا لِلَّهِ مَعَ أَنَّ بَدَلَهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ وَجَبَ أَصَالَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ لِلْفُقَرَاءِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِدَفْعِ مَا مَلَكَهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَالْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ إذَا أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْمَدِينِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا وَجَبَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ) التَّشْبِيهُ فِي مُجَرَّدِ وُجُوبِ الْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَد الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ) كَأَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا هِبَةٍ وَأَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ لَا الْجَزَاءُ مَا لَمْ يُرْسِلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِثَمَنِ الصَّيْدِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الصِّيَامُ) بَيَانٌ لِبَعْضِ حَالَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute