للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ كَمَا مَرَّ وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ.

نَعَمْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَبْحِ آخَرَ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ شِرَاءِ بَدَلِهِ لَحْمًا وَالتَّصَدُّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ وُجِدَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَصَّرَ فِي التَّفْرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ بِعَيْنِ الْمَالِ وَلَوْ عَدِمَ الْمَسَاكِينَ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ حَتَّى يَجِدَهُمْ وَامْتَنَعَ النَّقْلُ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ حَيْثُ جَازَ النَّقْلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا.

(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَالْقَارِنِ (الْمَرْوَةُ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ (وَ) لِذَبْحِ (الْحَاجِّ) وَلَوْ قَارِنًا أَوْ مُرِيدًا إفْرَادًا أَوْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ عَنْ دَمِ تَمَتُّعِهِ (مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ فَتْحُ الْقَافِ وَكَسْرُ الْعَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ لِضَمِيرِ الْحَرَمِ، قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا) أَيْ الْمُعْتَمِرُ وَالْحَاجُّ (مِنْ هَدْيِ) نَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ ذَبْحُ هَذَا الْهَدْيِ (وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَدِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَ الذَّبْحَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ نُظِرَ إنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ حَتْمًا قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا فَاتَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهَا هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ عَيَّنَ لِهَدْيِ التَّقَرُّبِ غَيْرَ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إذْ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ، نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَالْهَدْيُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسُوقُهُ الْمُحْرِمُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَمِ الْجُبْرَانَاتِ، وَهَذَا الثَّانِي غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ مَا يَسُوقُهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ الدَّمَ فِي الْمَنَاسِكِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَتُجْزِي الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةِ دِمَاءٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهَا، فَلَوْ ذَبَحَهَا عَنْ دَمٍ وَاجِبٍ فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَأَكْلُ الْبَاقِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ وَالْغَاصِبُ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ: وَلَوْ سَرَقَهُ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ، فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَحْثًا أَنَّهُ لَا يُجْزِي سَوَاءً وُجِدَتْ نِيَّةُ الدَّفْعِ أَمْ لَا، قَالَ: لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ وَهُمْ إنَّمَا يَمْلِكُونَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ النَّقْلُ فِيهَا) أَيْ لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدُوا ثَمَّ.

(قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ فَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ ذَبْحِهِ عَنْ أَيَّامِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَدِمَتْ الْفُقَرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْأَخْذِ لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ ثَمَّ فَهَلْ يُعْذَرُ بِذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ يَجِبُ ذَبْحُهُ فِيهَا وَيَدَّخِرُهُ قَدِيدًا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضِي إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ الذَّبْحِ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ ادِّخَارُهُ يُتْلِفُهُ فَهَلْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ هَذَا، وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ ذَبْحِ الْهَدْيِ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ إلَى مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وُجُوبُ تَأْخِيرِ ذَبْحِهِ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَأَنْ سَاقَهُ فِي رَجَبٍ مَثَلًا وَهُوَ قَرِيبٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ (قَوْله لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ) أَيْ فَيَذْبَحُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الْكَتَبَةِ.

وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ أَنَّ دَمَ التَّعْدِيلِ يَجُوزُ النَّقْصُ فِيهِ عَنْ الْمُدِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُرَتَّبًا أَوْ مُخَيَّرًا، وَأَنَّ دَمَ التَّقْدِيرِ إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ، وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا فَلَا إطْعَامَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ إنَّ مُرَادَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَأَمَّا دَمُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمَتْهُ مِنْ أَنَّ لَفْظَ غَيْرِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ) أَيْ بِمَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ) أَيْ عَلَى خِلَافِهِ مَا سَلَكَهُ هُوَ فِي الْحِلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>