بِالذَّبْحِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: إنَّمَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَبُلُوغُهُ مَحِلَّهُ نَحْوُهُ (وَنِيَّةُ التَّحَلُّلِ) عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّلِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ (وَكَذَا الْحَلْقُ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَلَا يَسْقُطُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ لِلذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ لِلْآيَةِ (فَإِنْ فَقَدَ الدَّمَ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ وَجَدَهُ غَالِيًا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ بَدَلًا) كَغَيْرِهِ مِنْ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالثَّانِي لَا بَدَلَ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ) أَيْ بَدَلَهُ (طَعَامٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِ مِنْ الصِّيَامِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَالِيَّةِ فَكَانَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْفَقْدِ أَوْلَى (بِقِيمَةِ الشَّاةِ) مُرَاعَاةً لِلْقُرْبِ فَتُقَوَّمُ الشَّاةُ بِدَرَاهِمَ وَيُخْرِجُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ (لَهُ) إذَا انْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ (لِلتَّحَلُّلِ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِالْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ عِنْدَهُ، وَمُقَابِلُهُ يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِطْعَامِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَطُولُ زَمَانُهُ فَتَعْظُمَ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ الْمَانِعِ. .
الثَّالِثُ الرِّقُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا) (أَحْرَمَ الْعَبْدُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْأَمَةُ (بِلَا إذْنٍ) وَهُوَ حَرَامٌ مَعَ صِحَّتِهِ (فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ) وَكَذَا لِمُشْتَرِيهِ وَإِنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَلِمَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُرِيدَانِ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ وَإِصْلَاحِ الطِّيبِ وَقُرْبَانِ الْأَمَةِ، وَفِي مَنْعِهِمَا مِنْ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِمَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي إتْمَامِ نُسُكِهِ وَحَيْثُ جَازَ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلَهُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي تَقَدُّمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهُ تَصْدِيقُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الرَّجْعَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَهُ غَالِبًا) أَيْ بِزِيَادَةٍ لَهَا وَقَعَ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ شِرَاءِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ بِزِيَادَةٍ تَافِهَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الشَّاةِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سُبُعِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ اللَّحْمِ وَهَذَا فِي بَيَانُ مَا يُخْرِجُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اللَّحْمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اللَّحْمِ بَيْنَ تَقْوِيمِ الشَّاةِ وَتَقْوِيمِ سُبُعِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَوْرُ بِالصَّوْمِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ) مُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهِ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَلِمَهُ، وَأَجَازَ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ لَا مِنْ حَيْثُ ظُهُورُ الْعَيْبِ أَوْ يُقَالَ: وَهُوَ أَوْلَى: مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنٍ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ قَدَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَحْلِيلِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بِإِذْنٍ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ حَيْثُ اشْتَرَطَ جَاهِلًا بِإِحْرَامِهِ لِمَنْعِهِ مِنْ تَحْلِيلِهِ فَيَتَضَرَّرُ بَقَاءَ الْإِحْرَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ شَيْءٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ)
[حاشية الرشيدي]
لِوَجْهِ الِاسْتِدْرَاكِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ) أَيْ وَلَوْ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَفِي مَنْعِهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَكَانَ الْأَوْلَى إفْرَادُ الضَّمِيرِ لِيَرْجِعَ إلَى مُطْلَقِ السَّيِّدِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute