للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُقُوفِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ، كَمَا لَوْ فَاتَهُ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ أَوْ الْعَدَدِ وَتَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَلُّلُ بِهَا وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْفَوَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِهَدْيٍ وَلَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ دَمُ التَّحَلُّلِ وَدَمٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ فَإِنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَتَحَلَّلَ ثُمَّ أُطْلِقَ مِنْ إحْصَارِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَبْنِيَ لَمْ يَجُزْ الْبِنَاءُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. .

الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْأُبُوَّةُ، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ أَبَوَيْهِ فِي النُّسُكِ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَنَعَهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْإِذْنِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ أَلِك أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَسْتَأْذَنْتَهُمَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ، وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَمَحَلُّهُ فِي الْآفَاقِيِّ وَلَمْ يَكُنْ مُصَاحِبًا لَهُ فِي السَّفَرِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ نُسُكِ الْفَرْضِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَيُفَارِقُ الْجِهَادَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ حَظْرَ الْفَوَاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رِضَا الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ. .

الْمَانِعُ السَّادِسُ الدَّيْنُ، فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُ الْمَدْيُونِ مِنْ السَّفَرِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ (وَمَنْ) (فَاتَهُ الْوُقُوفُ) وَبِفَوَاتِهِ يَفُوتُ الْحَجُّ (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا لِئَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَتَحْرُمَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ، فَلَوْ اسْتَدَامَهُ حَتَّى حَجَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: تَحَلَّلَ جَوَازًا مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَازُ بَعْدَ الْمَنْعِ فَيَصْدُقَ بِالْوَاجِبِ (بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَإِنْ سَعَى لَمْ يُعِدْهُ (وَحَلَقَ وَفِيهِمَا) أَيْ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلٌ) أَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ فِي التَّحَلُّلِ أَمَّا السَّعْيُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَلِهَذَا صَحَّ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُقُوفِ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا الْحَلْقُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّحَلُّلِ بِمَا ذَكَرَهُ أَرَادَ بِهِ التَّحَلُّلَ الثَّانِيَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الطَّوَافِ وَالْحَلْقِ يَعْنِي مَعَ السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ الْوُقُوفُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الرَّمْيِ وَصَارَ كَمَنْ رَمَى، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ بِنُسُكٍ فَلَا يَنْصَرِفُ لِآخَرَ كَعَكْسِهِ، وَلَا يَجِبُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُهُمَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى نِيَّةِ التَّحَلُّلِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِلْفَوَاتِ (وَالْقَضَاءُ) بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ اعْتِبَارُ مِثْلِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ طَبِيبًا، وَتَعْبِيرُهُ بِغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شَامِلٌ لِذَلِكَ بَلْ وَلِمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ طَبِيبٌ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ) فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ) أَيْ فَيَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَجِّ، وَهُوَ الذَّبْحُ وَالْحَلْقُ كَالْمُحْصَرِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَتَحْلِيلِ إلَخْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِفِعْلِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّقِيقَ) أَيْ الْأَبَ الرَّقِيقَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِئْهُ) قَالَا حَجّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ سَنَةٍ لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) بَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْعَدَدُ لَيْسَ بِيَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَوَقَّعًا زَوَالُ الْإِحْصَارِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَازُ بَعْدَ الْمَنْعِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْوَاقِعُ أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِرَادَةِ، وَكَانَ بِالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْوُجُوبَ إذْ هُوَ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>