الْمِصْرِيَّةِ فِي الْفُلُوسِ، وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْمَغْشُوشَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ غِشِّهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ لَوْ انْفَرَدَ أَمْ لَا اسْتَهْلَكَ فِيهَا أَمْ لَا، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَتَكُونُ كَبَعْضِ الْمَعَاجِينِ الْمَجْهُولَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ مَقَادِيرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّقْدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ بَيْعُ لَبَنٍ خُلِطَ بِمَاءٍ، وَنَحْوُ مِسْكٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ لِغَيْرِ تَرْكِيبٍ.
نَعَمْ بَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَتِهِ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ، وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَضُمِنَتْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا إذْ هِيَ مِثْلِيَّةٌ لَا قِيمَتُهَا إلَّا إنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا، وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَعَكْسُهُ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ) مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ (الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْقَطِيعِ الْمَجْهُولِ الْعَدَدِ وَالْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ الْمَجْهُولِ الذَّرْعِ (كُلَّ) بِالنَّصْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ جُزْءُ أَيْضًا (صَاعٍ) أَوْ رَأْسٌ أَوْ ذِرَاعٌ (بِدِرْهَمٍ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُشَاهَدٌ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ وَالْغَرَرُ مُرْتَفِعٌ بِهِ كَمَا إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمَا رُقِّمَ: أَيْ كُتِبَ عَلَيْهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَا قَابَلَ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومُ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي صَاعٍ فَقَطْ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ، أَوْ بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيهِمَا: عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ تَقْوِيمُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ أَوْقَاتِ وُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُرْجَعُ لِلْغَارِمِ فِي بَيَانِ الْقَدْرِ حَيْثُ لَاقَ بِهِ عَادَةً إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ) أَيْ الْغِشِّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا) أَيْ بِالْمَغْشُوشَةِ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا) أَيْ صُورَةً فَالْفِضَّةُ الْعَدَدِيَّةُ تُضْمَنُ بِعَدَدِهَا مِنْ الْفِضَّةِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُسَاوِيهَا قِيمَةً مِنْ الْقُرُوشِ إلَّا بِالتَّعْوِيضِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي عَكْسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ بِالْوَزْنِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الْقَصِّ وَاخْتِلَافِ قِيمَتِهَا.
وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا عُرِفَ كُلُّ نِصْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْقَصِّ أَخْذًا مِنْ بَيْعِ الْوَرَقِ الْأَبْيَضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا) أَيْ حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ فِضَّةً خَالِصَةً كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ الْآتِيَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ قِيمَةُ الذَّهَبِ دَرَاهِمَ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ) أَيْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: كُلَّ بِالنَّصْبِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْحَالِ كَبِعْهُ مُدًّا بِكَذَا، أَوْ عَلَى بَدَلِ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْمُجْمَلِ، وَكَوْنُ الْمُبْدَلِ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْكَلَامِ وَاحِدًا وَالصِّيغَةُ وَاحِدَةً وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ تَأَمُّلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلُّ صَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا خَرَجَتْ صِيعَانًا وَبَعْضَ صَاعٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ بَعْضَ صَاعٍ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ قَسِيمَ ذَلِكَ إلَّا الْقَطِيعُ وَالْأَرْضُ وَالثَّوْبُ فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ نَظَرَ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الصُّبْرَةَ هِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّا لَوْ أَرَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِحِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute