وَالْمُسْرَبَةِ (وَقِيلَ يُوَزَّعْنَ لِجَانِبَيْهِ وَالْوَسَطِ) فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَبِالثَّانِي الْيُسْرَى وَبِالثَّالِثِ الْوَسَطَ، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ وَكُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيُفِيدُ وُجُوبَ تَعْمِيمِ كُلِّ مَسْحَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَحَلِّ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ (وَيُسَنُّ) الِاسْتِنْجَاءُ (بِيَسَارِهِ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِمَا صَحَّ مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ» فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَسَارِ بِالْمَاءِ أَنْ يَغْسِلَ بِهَا وَيَصُبَّ بِالْيَمِينِ، وَبِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَمْسَحَ بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِالْيَمِينِ فِي شَيْءٍ.
وَكَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ فِي الْغَائِطِ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ إنْ اسْتَنْجَى بِنَحْوِ جِدَارٍ أَمْسَكَ الذَّكَرَ بِهَا وَمَسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، فَإِنْ رَدَّدَهُ عَلَى مَحَلٍّ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ إجْزَاءُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يَنْقُلْ النَّجَاسَةَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَى زَائِدٍ عَلَى الثَّلَاثِ فَصِفَةُ اسْتِعْمَالِهِ كَصِفَةِ اسْتِعْمَالِ الثَّالِثِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَالْمُسْرَبَةِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَبِضَمِّ الْمِيمِ مَجْرَى الْغَائِطِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ إلَخْ) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُوَزَّعْنَ إلَخْ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالصَّفْحَةِ الْيُمْنَى فَيُتِمَّ مَسْحَهَا، ثُمَّ يَنْتَقِلَ مِنْهَا إلَى الْيُسْرَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيَعْكِسَ فِي الثَّانِيَةِ وَيَعُمَّ فِي الثَّالِثَةِ مَسْحَ الصَّفْحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) سُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ خُلِقَ عَلَى يَسَارِهِ صُورَةُ جَلَالَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ هَلْ يَسْتَنْجِي بِالْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يُخَالِطْ الِاسْمَ نَجَاسَةٌ وَإِلَّا فَبِالْيَمِينِ اهـ.
أَقُولُ: وَلَوْ خَلَقَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّيْنِ مَعًا فَهَلْ يُكَلَّفُ لَفَّ خِرْقَةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ م ر فَبِالْيَمِينِ أَنَّهُ يُسَنُّ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ، لِأَنَّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي الْجُمْلَةِ. [فَرْعٌ] نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ، وَعَدَّهَا إلَى أَنْ قَالَ: الْخَامِسُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُبَاحًا وَهُوَ الْأَصْلُ اهـ.
أَقُولُ: قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيَنْظُرُ وَجْهَهُ وَمَا صُورَتُهُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، زَادَ حَجّ: كَمَسِّهِ بِهَا وَالِاسْتِعَانَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَّا وَكَثِيرُونَ مِنْ غَيْرِنَا (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) أَيْ أَوْ بِحَجَرٍ جَعَلَهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَالذَّكَرَ بِيَسَارِهِ، وَلَيْسَ هَذَا اسْتِنْجَاءً بِالْيَمِينِ بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ إعَانَةِ الْيَسَارِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَى إلَخْ) أَيْ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ إنْ تَكَرَّرَ الِانْمِسَاحُ ثَلَاثًا وَحَصَلَ بِهَا الْإِنْقَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَعِبَارَتُهُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي ثَلَاثَةُ أَجْزَاءِ حَجَرٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَطْرَافًا وَلَوْ تَوَالَى الْمَسْحُ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْأَطْرَافِ لِأَنَّهَا الَّتِي
[حاشية الرشيدي]
لِكُلِّ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ:، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ) أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَكُلُّ حَجَرٍ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِيتَارِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ وَغَيْرُهُ، خِلَافُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ وَكُلُّ حَجَرٍ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقُولُ بِنَدْبِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ صِحَّةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا هُوَ نَصُّ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمَا الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلتَّأْوِيلِ، وَبَيَّنَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ أَتَمَّ تَبْيِينٍ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ وَغَيْرُهُ خِلَافَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْوُجُوبِ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي لَا يُجِيزُ كَيْفِيَّةَ الْأَوَّلِ لِلْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِالتَّخْصِيصِ وَقَوْلُ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى جُمْلَةِ الْمَحَلِّ دُونَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute