للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ عَكْسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِنَحْوِ الْأَرْضِ ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَيَنْضَحَ فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ بَعْدَهُ وَيَعْتَمِدَ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرَقَ مَحَلُّهُ فَإِنْ سَالَ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَيَنْبَغِي وَضْعُ الْحَجَرِ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ بِقُرْبِ النَّجَاسَةِ وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِدَارَةِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُضِرًّا مَحْمُولٌ عَلَى نَقْلٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَلَا اسْتِنْجَاءَ وَاجِبٌ لِدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوَثٍ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا مَعْنَى لَهُ كَالرِّيحِ، وَالثَّانِي نَعَمْ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ الرُّطُوبَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَجَمَعَ بَيْنَ الدُّودِ وَالْبَعْرِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ النَّوْمِ وَالرِّيحِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةَ: وَلَمْ تُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ تَرَطُّبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَسْهُلُ الْمَسْحُ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّبُرِ حَتَّى لَوْ أَمَرَّ رَأْسَ الذَّكَرِ عَلَى حَجَرٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ تَكَرَّرَ انْمِسَاحُ جَمِيعِ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ كَفَى لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَكَرُّرُ انْمِسَاحِهِ وَقَدْ وُجِدَ، وَدَعْوَى أَنَّ هَذَا يُعَدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ لَا يَقْدَحُ لِتَكَرُّرِ انْمِسَاحِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً قَطْعًا وَهُوَ الْوَاجِبُ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

قُلْت: وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَسْحِ فِي عِبَارَاتِهِمْ الِانْمِسَاحُ تَدَبَّرْ، وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي فِي الذِّكْرِ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا كَأَنْ أَمَرَّ حَلْقَةَ دُبُرِهِ عَلَى نَحْوِ خِرْقَةٍ طَوِيلَةٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ يَتَكَرَّرُ انْمِسَاحُ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا اهـ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي) حَيْثُ قَالَ: إنْ مَسَحَهُ صُعُودًا ضَرَّ أَوْ نُزُولًا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ نَجَاسَتَهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الدَّلْكِ دَفْعُ الْوَسْوَسَةِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَشُمَّ فِي يَدِهِ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ بَعْدُ فَيَحْمِلَهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّا دَلَّكَ بِهِ لَا مِنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَنْضَحُ فَرْجَهُ) أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَفْعِ الْوَسْوَاسِ.

قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ وَلَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهَلْ يُغْتَفَرُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَنْضَحُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

قُلْت: وَالْأَقْرَبُ الِاغْتِفَارُ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ بِالنَّضْحِ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ ضَرُورِيُّ الْحُصُولِ، بَلْ اغْتِفَارُ هَذَا أَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ الْبَلَلِ الْحَاصِلِ مِنْ أَثَرِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ الَّذِي قَالَ الْمُحَشِّي بِاغْتِفَارِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَالَ لِمَا لَاقَى الثَّوْبَ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ غَسْلُهُ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ، وَقَدْ يُقَالُ يُعْفَى عَمَّا يَغْلِبُ وُصُولُهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ نَصُّهَا: وَإِنْ عَرَقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا اهـ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ أَوَّلًا عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: وَيَضَعُ الْحَجَرَ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَبَعْرٍ) الْبَعْرُ مَعْرُوفٌ وَالسُّكُونُ لُغَةٌ وَهُوَ مِنْ كُلِّ ذِي ظِلْفٍ وَخُفٍّ اهـ مِصْبَاحٌ، وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْآدَمِيِّ مَجَازٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ، وَفِي عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِوَاسِطَةِ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْمِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَهُ عَلَى الثَّانِي، إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ: وَيَجِبُ كُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَلْ يُوَزَّعْنَ إلَخْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُقَابَلَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ إنْ عَطَفَ وَكُلُّ حَجَرٍ عَلَى الْإِيتَارِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، فَيُنْتَجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَا يَقُولُ بِالتَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَوْ فِي الْوُجُوبِ، فَعُلِمَ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ لَا سِيَّمَا مَعَ تَصْوِيرِهِ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ إلَخْ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّارِحِ فِي وُجُوبِ التَّعْمِيمِ بِكُلِّ حَجَرٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَكَلَّفَ لِتَصْوِيرِ الْوَجْهِ الثَّانِي بِمَا يُنْتَجُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْمَنْقُولِ كَمَا مَرَّ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>