النِّدَاءِ.
وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَشْيَاءَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِلْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (الْفَحْلِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ: أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى مُقَابِلِيهِ بِيُقَالُ (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَهْيٌ، فَالتَّقْدِيرُ عَنْ بَدَلِ عَسْبٍ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ وَثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ إعْطَاءُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ وَإِلَّا فَالْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَوَّلِ أَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ مُقَدَّرَةٌ مَعَ عُمُومِهِ وَهُنَا ظَاهِرَةٌ وَهَذِهِ حِكْمَةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى ذِكْرِ التَّقْدِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ وَفِي الثَّالِثِ وَاحِدٌ (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ) وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا مَعْلُومٍ (وَكَذَا) تَحْرُمُ (أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَكِنَّهُ حَرَامٌ.
(قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ لِشَيْخِنَا اهـ أَيْ فَيَكُونُ الْحَمْلُ أَوْلَى: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ لِشُمُولِهِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى الْعَسْبِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رِوَايَتَهُ هَكَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ فَكَانَ مُسَاوِيًا لِلنَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمًا عَنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ رَوَاهُ عَنْهُمَا نُظِرَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى رِوَايَتِهِ وَمَنْ خَصَّهُ بِالْبُخَارِيِّ نَظَرَ إلَى رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الضَّادِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وِزَانُ فِعَالٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفَاعِلٍ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارِبٍ لَا لِضَرَبَ (قَوْلُهُ: إعْطَاءُ ذَلِكَ) أَيْ وَالْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) أَسْقَطَهُ الشَّيْخُ مِنْ شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ ضِرَابُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ عُمُومِهِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِمَعْنَى احْتِمَالِهِ لِغَيْرِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْحِكْمَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ حِكْمَةٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا تَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ إيجَارُهُ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ طُرُوقَهُ لِلْأُنْثَى لَا مِثْلَ لَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ نَفْسَهُ مِمَّا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ اسْتَأْجَرَهُ لِلضِّرَابِ قَصْدًا فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ جَازَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْإِنْزَاءِ تَبَعًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَرْثِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِنْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي الْأَوَّلَيْنِ هُوَ لَفْظُ بَدَلٌ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ ثَمَنٍ وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الثَّالِثِ إذْ الْبَدَلُ فِيهِ مَذْكُورٌ، وَالْجَارِي فِي الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَخْذُ أَوْ الْعَطَاءُ، وَقَدْ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بَعْدُ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ: أَيْ نَهْيٌ عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ أَيْ بَدَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute