للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعْلَ الضِّرَابِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِيجَارَ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ هُوَ فِعْلُ الْأَجِيرِ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ.

(وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِيهَا وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهُمَا جَمْعُ حَابِلٍ وَقِيلَ مُفْرَدٌ، وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ (نِتَاجُ النِّتَاجِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ، وَفِي هَذَا تَجُوزُ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَمِنْ حَيْثُ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ: أَيْ الْمَحْبُولِ (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ (أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلضِّرَابِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْزِي فَحْلَهُ عَلَى أُنْثَى أَوْ إنَاثٍ صَحَّ، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ وَعَمَلَهُ مَضْبُوطٌ عَادَةً، وَيَتَعَيَّنُ الْفَحْلُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ أَوْ تَعَذَّرَ إنْزَاؤُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لحج، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَر وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا مَعَ تَفْسِيرِهِ الضِّرَابَ بِالطُّرُوقِ، وَيُقَالُ لَمْ تَظْهَرْ مُغَايَرَتُهُ لِلْإِنْزَاءِ الْمَذْكُورِ، وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الطُّرُوقَ فِعْلُ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ الْإِنْزَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلُ صَاحِبِ الْفَحْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

لَكِنْ قَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْزَاءَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْفَحْلِ إلَّا أَنَّ نَزَوَانَ الْفَحْلِ بِاخْتِيَارِهِ وَصَاحِبُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ الْإِنْزَاءُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُحَاوَلَةُ صُعُودِ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَفِعْلُ الْفَحْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا حَصَلَ الطُّرُوقُ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ) بَلْ لَوْ قِيلَ يُنْدَبُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ: وَيُسْتَحَبُّ هَذَا الْإِعْطَاءُ اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إعْطَاءِ الْفَحْلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَ، وَكَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا كَبِيرَةً حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الِامْتِنَاعِ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْفَحْلُ بَيْنَ امْتِنَاعِهِ مِنْ إعَارَتِهِ لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَتَجِبُ الْإِعَارَةُ مَجَّانًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَارَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّنَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَهُ بَدَلٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْبًا بِخِلَافِ هَذَا وَبِأَنَّ الْمُصْحَفَ تُمْكِنُ إجَارَتُهُ بِخِلَافِ الْفَحْلِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ اتِّخَاذِ الْفَحْلِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِبَقَاءِ نَسْلِ دَوَابِّهِمْ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ اسْتِعَارَتُهُ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْ بَلْدَتِهِمْ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ: وَغَلِطَ مَنْ سَكَنَهَا) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَجَمْعِهِ بِالْهَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ نُتِجَ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَنُتِجَتْ النَّاقَةُ كَقَوْلِك: وَلَدَتْ النَّاقَةُ، فَالنَّاقَةُ فَاعِلٌ وَنُتِجَتْ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ لَكِنَّهُ غُيِّرَ إلَى صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ اهـ. وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ النَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ: إنَّ لِلْعَرَبِ أَفْعَالًا الْتَزَمُوا مَجِيئَهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهَا فَاعِلًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّنَوَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْأَزْهَرِيَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا فَسَّرَهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِتَقْدِيمِ الْأَلْفِ عَلَى الْوَاوِ وَهِيَ أَصْوَبُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ، فَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالثَّانِي تَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَاوِيَ النَّهْيِ قَالَ: وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجُذُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>