للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا.

أَمَّا هِيَ فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجْزِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ طَلَبَ الْعِتْقِ لَا أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْبَائِعِ، فَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَأْمُرَ الْوَارِثَ بِإِعْتَاقِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ) أَوْ تَعْلِيقَ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ لَحْظَةٍ أَوْ وَقَفَهُ وَلَوْ حَالًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِمُخَالَفَةِ الْأَوَّلِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالْبَقِيَّةُ لِغَرَضِ الشَّارِعِ مِنْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ خَبَرِ «وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَلَوْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ عَتَاقَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ خِلَافُ قَضِيَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مِثْلَ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْزِهِ) وَهَلْ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ شَرْطٍ أَوْ يَلْغُو مَا أَتَى بِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّقِّ وَيُطَالِبُ بِعِتْقِهِ ثَانِيًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ كَوْنِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ عَنْهَا.

وَبَقِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ [فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِشَرْطِ إعْتَاقِ يَدِهِ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَنَقَلَ سم عَنْ مَرَّ عَلَى حَجّ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ شَرْطُ ذَلِكَ شَرْطًا لِإِعْتَاقِ الْجُمْلَةِ إمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِمَّا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِ الْعُضْوِ وَبِتَقْدِيرِ سُقُوطِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إعْتَاقُ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْتِزَامِ إعْتَاقِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا) أَيْ عَنْ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَيُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ: الْوَلَاءَ لَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ الْوَلَاءُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ اهـ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إلَخْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ مَعَ فَسَادِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ فَفِي قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُسَامَحَةً، وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَغَيْرِهِ فِي الْفَسَادِ حَيْثُ شَرْطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، لَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمَبِيعُ، بِخِلَافِ الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِ لِإِتْيَانِهِ فِيهِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ، وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ قَالَ: لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>