للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَقِفَهَا أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.

(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ صَحَّ) يَعْنِي لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ صَحَّ عَائِدًا عَلَى الْعَقْدِ الْمَقْرُونِ بِهَذَا الشَّرْطِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ هُنَا وَثَمَّ وَبَنَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِمَنْعِ الْبَائِعِ مِنْهُ فَيَتَخَيَّرُ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا فَسَادِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ فَلَا خِيَارَ بِفَقْدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي، إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَفَادَ التَّأْكِيدَ.

(أَوْ) شَرَطَ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ) أَوْ لَا يَلْبَسَ (إلَّا كَذَا) وَلَوْ حَرِيرًا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا بِالْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِهِ بِالتَّحْتِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ حِينَئِذٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَرْدُودٌ، إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَعْيِينِ غِذَاءٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ إطْعَامِهِ، وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا كَجَمْعِهِ بَيْنَ أُدْمَيْنِ أَوْ صَلَاتِهِ لِلنَّوَافِلِ وَكَذَا لِلْفَرْضِ أَوَّلَ وَقْتِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَبَيْعِ سَيْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ، بِخِلَافِ بَيْعِ ثَوْبٍ حَرِيرٍ بِشَرْطِ لُبْسِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَعْصِيَةُ فِيهِ لِجَوَازِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَعْذَارٍ فَانْدَفَعَ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ وَكَانَ بَالِغًا، وَلَوْ بَاعَهُ إنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ مُحَرَّمًا أَوْ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ صَحَّ الْبَيْعُ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ.

(وَلَوْ) (شَرَطَ) الْبَائِعُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالُّ لَا الْمُؤَجَّلُ، وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ بِالْبَائِعِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ وَهَذَا أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى صَحَّ عَائِدًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَنَّ الثَّانِيَ) أَيْ شَرْطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَرِيرًا) أَيْ حَيْثُ أَطُلِقَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ) غَرَضُهُ مِنْهُ رَدُّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ أُدْمَيْنِ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِحَالٍ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا حَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ إدْخَالَهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ) تَوَقَّفَ فِيهِ الشِّهَابُ سم مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إلَى الْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْذِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ تَخْصِيصُهُ بِالْعُرْفِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ مُعْتَبَرٌ فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ، فَكَانَ حَقُّ الرَّدِّ الْمُوَافِقِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ إلَّا أَنَّهُ لِخُصُوصِ الْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ وَالْفَسَادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الْمَأْكُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>