فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بِسَبَبِ ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا وَأَبَوَيْهِ فَأَسْلَمَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ وَيُبَاعَانِ دُونَهَا، بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ بِيعَ الصَّغِيرُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا فَتَبِعَهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ جَازَ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مَمْنُوعٌ إذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا لِلْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْحَابُ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّفْرِقَةُ وَجْهٌ لِلدَّارِمِيِّ وَتَسْتَمِرُّ حُرْمَةُ التَّفْرِيقِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) الْوَلَدُ بِأَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَقْدِيرِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ التَّعَهُّدِ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ نَوْعُ تَكْلِيفٍ وَعُقُوبَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ (وَفِي قَوْلِ حَتَّى يَبْلُغَ) لِخَبَرٍ فِيهِ وَلِنَقْصِ تَمْيِيزِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلِهَذَا حَلَّ الْتِقَاطُهُ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ النَّقْصِ وَبِأَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ وَحِلُّ الْتِقَاطِهِ لَيْسَ لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَنْعُ التَّفْرِيقِ فِي الْمَجْنُونِ وَإِنْ بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يُمَيِّزَ وَلَا يُعَارِضُ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ وَحِكَايَةِ قَوْلٍ فِي أَحَدِهِمَا، وَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ بِالْمُسَافَرَةِ أَيْ مَعَ الرِّقِّ وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا يُتَوَقَّعُ تَمْيِيزُهُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِقُوَّةِ شَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدَّةٌ مَثَلًا فَبَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ فَمَاتَتْ فِي الْمَجْلِسِ مَثَلًا فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْمَبِيعُ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ بَيْعٌ وَالْأُمُّ بِهِ بِدُونِ جَدَّتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ الِانْفِسَاخُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أُبْرِأَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَطَلَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَيُبَاعَانِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ) فَلَا يُقَالُ حُكْمُ هَذِهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَكَانَتْ كَافِرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا (قَوْلُهُ وَالْأَصْحَابُ) مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ مَيَّزَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ.
(قَوْلُهُ: قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِذَلِكَ) أَيْ نَقْصُ تَمْيِيزِهِ بَلْ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فَاحْتَاجَ لِمَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ: يُعَارِضُهُ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَيَّزَ أَوْ بَلَغَ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بِالْمُسَافَرَةِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الرِّقِّ) وَالْمُرَادُ سَفَرٌ يَحْصُلُ مَعَهُ تَضَرُّرٌ وَإِلَّا كَنَحْوِ فَرْسَخٍ لِحَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بِالسَّفَرِ مَعَ الرِّقِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبَيْنَ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ إلَخْ بِالسَّفَرِ أَيْضًا فَمَمْنُوعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَطَرْدِهِ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ) وَكَذَا يَحْرُمُ أَنْ يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَيَدْفَعَهُ لِمُرْضِعَةٍ أُخْرَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَمَةِ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلَ السَّبْعِ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ) وَهُمَا هُنَا الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ: يَعْنِي حُكْمَهُمَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى يُمَيِّزَ كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَفِي قَوْلٍ: فِي الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ الظُّهُورِ رَاجِعٌ إلَى تَفْرِقَةِ الْغَزَالِيِّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي التَّفْرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute