للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ بِالذَّبْحِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَالْمَذْبُوحُ الْوَلَدُ أَوْ الْأُمُّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا وَيُكْرَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ بَيْعَهُ لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَذْبَحُهُ كَذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى بَاعَ الْوَلَدَ قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ وَحْدَهُ أَوْ الْأُمَّ كَذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ فَقَدْ لَا يَقَعُ الذَّبْحُ حَالًّا أَوْ أَصْلًا فَيُوجَدُ الْمَحْذُورُ، وَشَرْطُ الذَّبْحِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ لِمَا مَرَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ أَوْ بِالْعَكْسِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(وَإِذَا) (فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَالْأَوْجُهُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ بِالْعِتْقِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَشْغَلُهُ فِي اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ فَيَجُوزُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِلْخَلَلِ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا هُوَ قَبْلَ سَقْيِهِ اللِّبَأَ فَبَاطِلٌ قَطْعًا، وَتَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ صَحِيحٌ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ كَمَا فِي {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ هُنَا.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْبَانُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُمْ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ) سِلْعَةً (وَيُعْطِيه دَرَاهِمَ) مَثَلًا وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا (لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَطَرْدُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الذَّبْحِ) وَهَذَا مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ نَذَرَ ذَبْحَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ افْتِدَاءً وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ذَبْحُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ ذَبَحَهُ الْقَاضِي وَفَرَّقَهُ الذَّابِحُ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ إلَخْ وَلَوْ قَالَ مَنْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ) أَيْ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَخْ) وَوَجْهُ عَدَمِ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فِي اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ مِنْ شَغْلِهِ الرَّقِيقَ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَاَللَّه) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ: أَيْ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ يَكُنْ فَقِيرًا فَالضَّمِيرُ لَيْسَ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ بَلْ لِمَعْمُولِهِمَا فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: السِّلْعَةُ خُرَّاجٌ كَهَيْئَةِ الْغُدَّةِ تَتَحَرَّكُ بِالتَّحْرِيكِ، ثُمَّ قَالَ: وَالسِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ وَالْجَمْعُ فِيهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الطَّرْدِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ: وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً انْتَهَى. فَصَرِيحُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً أَنَّ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ كُلٍّ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ كَالْأَذْرَعِيِّ تُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ، وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ إلَى عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهَا: وَطَرْدُ الْغَزَالِيِّ الْحُكْمَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِخِلَافِ طَرْدِهِ فِي الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ، فَالطَّرْدُ فِي كِلَيْهِمَا حِينَئِذٍ مَنْسُوبٌ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنَّ هَذَا تَأْبَاهُ عِبَارَةُ كُلٍّ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ وَالْأَذْرَعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَلْيُحَرَّرْ مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم التَّصْرِيحُ بِأَنَّ طَرْدَ الْغَزَالِيِّ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَوَلَدِهَا مَمْنُوعٌ، وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَكَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ آخِرًا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي تَرْجِيعِهَا لِعِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ آجَرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ لِلَّذِي آجَرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دَائِمٌ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>