للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَمْرُ بِالْعَصِيرِ، ثُمَّ قَالَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ تَمَحَّلَ بَعْضُهُمْ لِمَنْعِ التَّنَاقُضِ وَأَجْرَى مَا فِي كُلِّ بَابٍ عَلَى مَا فِيهِ بِمَا حَاصِلُهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا لِلتَّقْوِيمِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ: أَيْ وَالْبَيْعُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ يَجْهَلُونَ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ، وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِصِحَّتِهَا بِالنَّجَسِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا لِبَيَانِ الْقِسْمَةِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَهِيَ تَابِعَةٌ، وَفِي الصَّدَاقِ لِعِلْمِهِمَا بِهَا إذْ هُمَا كَافِرَانِ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدِ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَكَانَ الْآخَرُ كَالْمَعْدُومِ (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحَالِ لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ نَادِرٌ.

(وَ) ضَابِطُ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْضٌ مِنْ الْمَبِيعِ يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ: أَيْ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَ) مِنْ ذَلِكَ (مَا لَوْ) (بَاعَ عَبْدَيْهِ) مَثَلًا (فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا) أَوْ كَانَ دَارًا فَتَلِفَ سَقْفُهَا (قَبْلَ قَبْضِهِ) فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَتَسْتَمِرُّ صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُتَقَوِّمًا حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَوْزِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمِثْلِيِّ: أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ، وَفِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ، وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا (لَمْ يَنْفَسِخْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِإِذْنِهِ مَعَ عَبْدِهِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَ بَيْعِ الْعَبْدَيْنِ فَكَذَا بَيْعُ الْكِتَابَيْنِ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاخْتِلَافِ) الْمُتَبَادَرِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاخْتِلَافِ هُوَ تَقْدِيرُ الْخَمْرِ خَلًّا هُنَا وَعَصِيرًا فِي الصَّدَاقِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ دَفْعِ التَّنَاقُضِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَغْرُورًا كَأَنْ ظَنَّهُمَا مِلْكَهُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ) وَكَذَا الْمِثْلِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: جَمِيعًا مَعًا) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْوَصِيَّةِ ذِكْرٌ فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا) يَعْنِي الْقِيمَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمَا بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الَّذِي مَرَّ فِي كَلَامِهِ فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اعْتَبَرَا الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا وَلَا ذِكْرَ لِلْقِيمَةِ فِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ فِي التُّحْفَةِ إلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَنَاقُضٌ لِلشَّيْخَيْنِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فِي التُّحْفَةِ اكْتِفَاءً بِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَحَمَّلَهُ بَعْضُهُمْ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَفَهِمَ الشَّارِحُ أَنَّ التَّنَاقُضَ الَّذِي بَيَّنَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ هُوَ التَّنَاقُضُ الَّذِي فِي الْمُهِمَّاتِ فَنَسَبَهُ إلَيْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ هَذَا التَّمَحُّلَ فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ حَاصِلُ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَمْنُوعٌ، بَلْ حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَ كِلَابًا وَأَوْصَى بِأَحَدِهَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَتَنْفُذُ فِي وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ مَنَافِعُهَا فَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا كَلْبًا وَطَبْلَ لَهْوٍ وَزِقَّ خَمْرٍ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ.

وَذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ إذَا أَصْدَقَهَا زَوْجُهَا الْمُشْرِكُ صَدَاقًا فَاسِدًا فَقَبَضَتْ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَنَّهُمَا إنْ سَمَّيَا جِنْسًا وَاحِدًا مُتَعَدِّدًا كَخِنْزِيرٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ عَدَدُهُمَا أَوْ قِيمَتُهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، إنْ سَمَّيَا جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ وَقَبَضَتْ أَحَدَ الْأَجْنَاسِ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى الْأَجْنَاسِ فَكُلُّ جِنْسٍ فِيمَا لَوْ سَمَّيَا ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ ثُلُثٌ أَمْ إلَى الْأَعْدَادِ أَمْ إلَى الْقِيمَةِ؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَالثَّانِي يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَقَالَ فِي أَوَائِلِ الصَّدَاقِ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>