للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْآخَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ فَلَمْ تَضُرَّ كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ لِأَرْشِ الْعَيْبِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْفَسَادِ الْمَقْرُونِ بِالْعَقْدِ وَالْفَسَادِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِي مَعْنَى صُورَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَخَرَجَ بِتَلَفِ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ سُقُوطُ يَدِ الْمَبِيعِ وَعَمَى عَيْنَيْهِ وَاضْطِرَابُ سَقْفِ الدَّارِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَفَوَاتُهَا لَا يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ بَلْ الْخِيَارَ لِيَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخُ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ مَا يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ وَإِنْ أَوْجَبَ الِانْفِسَاخَ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي فَوْرًا كَمَا مَرَّ بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالْإِجَارَةِ لِتَبْعِيضِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) كَنَظِيرِ مَا مَرَّ (قَطْعًا) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَضَعُفَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً فَاغْتُفِرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ الْمُثَمَّنِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ فَأَثَّرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا أَيْضًا. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ (وَلَوْ) (جُمِعَ) الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ (فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَإِجَارَةِ وَبَيْعٍ) كَأَجَّرْتُكَ دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك ثَوْبِي هَذَا بِدِينَارٍ، وَوَجْهُ اخْتِلَافِهِمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] بَاعَهُ زَوْجَيْ خُفٍّ مَثَلًا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَلْ يُقَوَّمُ الْبَاقِي عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ مَضْمُومًا لِلتَّالِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَقَعْ بِاخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَمَكِّنٌ بَعْدَ التَّلَفِ مِنْ النَّسْخِ بِالْخِيَارِ فَيُفْرَضُ أَنَّ الْبَاقِي كَأَنَّ الْعَقْدَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ مُنْفَرِدًا فَيُقَوَّمُ كَذَلِكَ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ طب مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيمِهِ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا) أَيْ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ فَلَا انْفِسَاخَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ تَلَفُ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً) يَتَأَمَّلُ مَعْنَى الْأَصَالَةِ فِي الثَّمَنِ سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ، فَإِنَّ الثَّمَنَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ مِنْهُمَا وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِهَذَا الدِّينَارِ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الثَّوْبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْأَصَالَةِ مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ نَقْدٌ وَالْمُثَمَّنَ عَرَضٌ، وَالْمَقْصُودُ غَالِبًا تَحْصِيلُ الْعُرُوضِ بِالثَّمَنِ لِلِانْتِفَاعِ بِذَوَاتِهَا كَلُبْسِ الثِّيَابِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ، وَالنَّقْدُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِهِ، وَقَدْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ كَأَنْ يُرِيدَ تَحْصِيلَهُ لِاِتِّخَاذِهِ حُلِيًّا أَوْ إنَاءً لِلتَّدَاوِي لِلشُّرْبِ فِيهِ أَوْ مِيلًا لِلِاكْتِحَالِ بِهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِجَلَاءِ غِشَاوَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ الْعَاقِدُ) هُوَ الْأَوْلَى لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمُفَاعِلِ وَمَحَلِّ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ وَلَوْ جُمِعَ عَقْدٌ فِي عَقْدٍ مُخْتَلِفَيْ إلَخْ فَيَتَّحِدُ الْفَاعِلُ لِلْجَمْعِ وَمَحَلُّهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ مَيْتَةً، فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْمُسَمَّى، فَعَلَى هَذَا تُقَدَّرُ الْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا الْخَمْرُ فَيُقَدَّرُ عَصِيرًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَكَيْنَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ وَجْهًا أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَاكَ اخْتِيَارَ الْعَصِيرِ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَلْخِيصِ الشَّارِحِ لَهُ وَمَا فِي قَوْلِهِ لَكِنْ قَالَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ الْخَمْرُ بِالْعَصِيرِ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا إلَّا تَفْرِيعًا عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا عَرَفْت

(قَوْلُهُ: بَعْضُ مَا يُقْبَلُ) الْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ، لَكِنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ بَعْضٍ أَوْ لَفْظِ مَا لِمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ الْإِيهَامِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنَّ أَفْرَادَ التَّالِفِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ وَجَبَ الِانْفِسَاخُ فِيهِ لَا يُوجِبُ الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ انْتَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>