للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا رُشْدُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِعْلُ الْأَحَظِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ تَمْلِيكٌ لَهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ شَارِطًا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ إجْمَاعًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ حَبَّانَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ ابْنَ مُنْقِذٍ وَمُنْقِذٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالِدُهُ رِوَايَتَانِ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ «كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَأَرْشَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ، وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ مَتَى قَالَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ خِيَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ» وَمَعْنَاهَا وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لَا غَبْنَ وَلَا خَدِيعَةَ، وَلِهَذَا اُشْتُهِرَتْ فِي الشَّرْعِ لِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثًا، فَإِنْ ذُكِرَتْ وَعَلِمَا مَعْنَاهَا ثَبَتَ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ كَأَنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا خِيَارُ يَوْمٍ وَلِلْآخَرِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَلَوْ شَرَطَ خِيَارَ يَوْمٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَا رُؤْيَتُهُ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُضِيفَهُ إلَى كُلِّهِ، فَلَوْ أَضَافَهُ إلَى جُزْئِهِ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْجُزْءِ الْكُلَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا رُشْدَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْعَاقِدُ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ انْصَرَفَ عَنْ غَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ وَلِيًّا فَفِي صِحَّةِ شَرْطِهِ لِغَيْرِ الرَّشِيدِ نَظَرٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.

لَا يُقَالُ: إذَا تَصَرَّفَ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ امْتِنَاعِ شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ مَا لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُوَكِّلًا وَأَذِنَ الْوَكِيلُ فِي شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ اُشْتُرِطَ فِيمَنْ يَشْتَرِطُهُ لَهُ الْوَكِيلُ كَوْنُهُ رَشِيدًا وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَحَظِّ لَكِنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ اشْتَرَطَ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ أَنْ لَا يَأْذَنَ إلَّا لِرَشِيدٍ، ثُمَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ جَرَى عَلَيْهِ حَجّ هُنَا، لَكِنْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَعُلِمَ اتِّجَاهُ اشْتِرَاطِ رُشْدِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّوْكِيلِ فِي الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ الطَّلَاقِ اهـ سم عَلَيْهِ.

أَمَّا اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فَلِأَنَّ الْإِجَازَةَ وَالْفَسْخَ تَصَرُّفٌ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْبَالِغِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ فَلِأَنَّهُ أَمْرٌ تَابِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: فِعْلُ الْأَحَظِّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يَفْعَلُ الْوَكِيلُ إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ.

وَقَوْلُهُ تَمْلِيكٌ لَهُ قَضِيَّةٌ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَضِيَّتُهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ الْقَبُولُ وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ تَمْلِيكًا لَهُ يَكْفِي عَدْلُ الرَّدِّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ شَارِطًا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ شَرْطِ الْخِيَارِ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَفِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ أُشَاوِرَ يَوْمًا مَثَلًا اهـ، وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ: وَالِدِهِ) بَدَلٌ مِنْ مُنْقِذِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا خَدِيعَةَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الْخِيَارِ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَوَجْهُ اشْتِمَالِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ أَمْرٍ مَجْهُولٍ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: لَكِنْ غَيَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا إنْ عَلِمَ مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى وَفْقِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ قَالَ: كَمَا لَوْ شَرَطَ خِيَارًا مَجْهُولًا اهـ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلِلْآخَرَيْنِ يَوْمَيْنِ) أَيْ وَيَكُونُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَعْدَهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شَرَطَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَرَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لِأَحَدِهِمَا وَمَا بَعْدَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ) أَيْ: وَعَيَّنَ مُدَّةً مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الْخِيَارِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْعُبَابِ بُطْلَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>