للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ جَازَ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَمَا اُعْتُرِضَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ تَبْيِينِهِ الْمَشْرُوطَ لَهُ الْخِيَارُ فَصَارَتْ مُوهِمَةً غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ مُؤْذِنٌ بِالْعُمُومِ كَمَا تُفِيدُ عِبَارَتُهُ أَيْضًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ صِحَّةَ شَرْطِهِ لِكَافِرٍ فِي مَبِيعِ مُسْلِمٍ وَلِمُحْرِمٍ فِي صَيْدٍ لِانْتِفَاءِ الْإِذْلَالِ وَالِاسْتِيلَاءِ فِي مُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ مُخَالِفًا لِوَالِدِهِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ قَوْلُهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا إلَخْ مِنْ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِهِ بِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْخِيَارِ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِمَنْ شَرَطَهُ لَهُ مَا لَمْ يَمُتْ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِهِ فَيَنْتَقِلُ لِشَارِطِهِ وَلَوْ وَكِيلًا، وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فَلِلْحَاكِمِ كَمَا لَا يَخْفَى، أَوْ وَكِيلًا فَلِمُوَكِّلِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ) أَيْ مَثَلًا وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُ مَا شَرَطَهُ الْعَاقِدُ وَوَارِثُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

[فَرْعٌ] فَإِنْ خُصِّصَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِذَا عَيَّنَهُ صَحَّ: أَيْ فِي الْعَقْدِ وَإِذَا شَرَطَهُ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَلَوْ تَلِفَ الْآخَرُ اهـ.

وَالْمَفْهُومُ مِنْ صِحَّةِ تَخْصِيصِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْبَيْعِ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ، وَهَذَا مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا شَرَطَ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا، فَهَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالتَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ مُوهِمَةً) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُبَيَّنْ الْمَشْرُوطُ لَهُ، فَفِيهِ إجْمَالٌ مِنْ جِهَةِ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَشْرِطَانِهِ لَهُمَا لَا لِأَحَدِهِمَا مَثَلًا أَوْ لَا لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ كَثِيرًا مَا لَا يُكْتَفَى فِي إثْبَاتِهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) أَيْ أَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ صِحَّةُ شَرْطِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فِي مَبِيعٍ مُسَلَّمٍ) يَعْنِي فِيمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الْكَافِرِ لِيَشْمَلَ الْحَرْبِيَّ فِي السِّلَاحِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي نَحْوِ مُسَلَّمٍ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا) هَذَا الْجَوَابُ مُخَالِفٌ لِمَا شُرِحَ عَلَيْهِ أَوَّلًا.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ الْمَشْرُوطَ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِطَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُمَا لَكِنَّهُ يُوهَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَمَّا كَانَ مَوْقِعًا الْأَثَرَ لِأَحَدِهِمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمُتْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ لَرُبَّمَا اسْتَغْرَقَتْ مُدَّةُ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ الثَّلَاثَ فَتَزِيدُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا إنْ أَبْقَيْنَاهَا لَهُمَا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ انْتَفَتْ فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ) أَيْ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ بَلْ أَوْلَى مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْعَاقِدِينَ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُوَكِّلُ إلَخْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ فَيَنْبَغِي إعَادَتُهُ لَهُمَا إذَا أَفَاقَ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ) لَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَائِبًا بِمَحَلٍّ لَا يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ يُقَالُ بِلُزُومِ الْعَقْدِ بِفَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ لَا وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ إلَى بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ لِلضَّرُورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ ثَبَتَ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَإِلَّا لَزِمَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ زِيَادَةُ الْمُدَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: فَلِلْحَاكِمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِوَلِيٍّ آخَرَ بَعْدَ الْوَلِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَبُ الْعَاقِدُ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِقِيَامِ الْجَدِّ الْآنَ مَقَامَ الْأَبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْلِهِ إلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ فَلِمُوَكِّلِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْبَيْعِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم فَاسْتَوْجَهَهُ بَحْثًا.

قَالَ شَيْخُنَا: وَوَجْهُهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ إلَخْ) أَيْ: زِيَادَةً عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي حِلِّ الْمَتْنِ وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْأَوْلَى إذْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَهْمَلَ حُكْمَ الشَّارِطِ وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكِيلًا) أَيْ بِأَنْ أُذِنَ لَهُ فِي شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>