وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ شَرْطُهُ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُوَكِّلُهُ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَك فَاشْتَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى شَرْطِ الْمُبْتَدِي كَشَرْطِهِ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مُسَاعِدَةَ الْوَكِيلِ بِأَنْ تَأَخَّرَ لَفْظُهُ عَنْ اِ اللَّفْظِ الْمُقْتَرِنِ بِالشَّرْطِ لَيْسَتْ كَاشْتِرَاطِهِ، لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إضْرَارُ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِشَرْطِهِ وَسُكُوتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ مَا شَرَطَ لَهُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِي بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ.
أَمَّا لَوْ شَرَطَهُ مَنْ تَأَخَّرَ قَبُولُهُ أَوْ إيجَابُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ مُتَلَازِمَانِ غَالِبًا، وَقَدْ يَثْبُتُ ذَاكَ لَا هَذَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) لِامْتِنَاعِ التَّأْجِيلِ فِيهِمَا وَالْخِيَارُ أَعْظَمُ غَرَرًا حِينَئِذٍ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ جَرَى بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَيَمْتَنِعُ شَرْطُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَقِيَ مَا لَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَشَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ وَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَنْفُذُ عَزْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَنَفَذَ عَزْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَكِّلِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ فَلَا يَشْرُطُهُ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَلِّيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَمَّا لَهُمَا فَيَجُوزُ وَصُورَتُهُ فِي مُوَلِّيهِ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ رُشْدٌ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَفْسِهِ) وَمِنْ الْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ شَرْعًا مِنْ شَرْطِهِ لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ وَنَفْسِهِ نَزَلَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ سُكُوتَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِهِ) أَيْ فَإِنَّ شَرْطَهُ الْمُبْتَدِيَ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ صَحَّ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ أَوْ بِدُونِهِ فَلَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْذُورَ) عِلَّةٌ لِلْأَوْجُهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَاصِلٌ بِشَرْطِهِ) أَيْ الْمُبْتَدِي (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ) قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِأَحَدِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ (قَوْلُهُ: مَنْ تَعَيَّنَ) أَيْ مِنْ الْمُبْتَدِي قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا، وَيُوَجِّهُهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطَ لَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُبْهَمٌ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت اخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالْبَائِعِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ اشْتِرَاطِهِ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَا لَهُمَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي شَرْطِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ: أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ شَرْطِهِ مِنْ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ شَرْطِهِ لِغَيْرِهِ حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ جَازَ اشْتِرَاطُهُ لَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْعَقْدِ وَتَعَلُّقِ أَحْكَامِهِ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَمَّا جَازَ اشْتِرَاطُهُ لَهُ وَلِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَغَا شَرْطُهُ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ تَلَفُّظٍ بِهِ فَيَشْمَلُ السُّكُوتَ وَالتَّلَفُّظَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَثْبُتُ ذَاكَ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: لَا هَذَا) أَيْ خِيَارُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَبْضُ) أَيْ فِي الْعِوَضَيْنِ فِي الرِّبَوِيِّ وَفِي رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ وَفِيمَا يَتَسَارَعُ. قَضِيَّةُ الْكَلَامِ ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَامْتِدَادُهُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَزِمَ تَلَفُ الْمَبِيعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَهْرًا اهـ أَقُولُ: وَمَا تَرَجَّاهُ مِنْ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ قَدْ يُفِيدُ تَمْثِيلَ الشَّارِحِ لِمَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ثُمَّ بِبَيْعِ الْجَمَدِ فِي الصَّيْفِ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لُزُومِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ عَقْدَ الرِّبَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ فَلَا تَضُرُّ عِنْدَ نَهْيِ الْمُوَكِّلِ لَهُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، وَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمَأْمُورِ لَوْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْأَوْجُهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute