للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ فَإِذَا انْفَرَدَ الْحَادِثُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، أَمَّا الْبَيْعُ فَصَحِيحٌ، وَخَرَجَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ شَرْطُهَا مِنْ عَيْبٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ يُعَايَنُ كَبَرَصٍ لَمْ يُرِهِ مَحَلَّهُ فَلَا يَصِحُّ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ عَيْنِهِ وَقَدْرِهِ وَمَحَلِّهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي عَيْبٍ ظَاهِرٍ لَا يَخْفَى عِنْدَ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا لَمْ أَرَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يُعَايَنُ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ، إذْ ذِكْرُهُ إعْلَامٌ بِهِ وَمُعَايَنٌ أَرَاهُ إيَّاهُ لِرِضَاهُ بِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا رَدُّ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَقَالَ لَهُ اسْتَنْقِدْهُ فَإِنْ فِيهِ زَيْفًا فَقَالَ رَضِيت بِزَيْفِهِ فَطَلَعَ فِيهِ زَيْفٌ فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ، وَوَجْهُ رَدِّهِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ قَدْرَ مَا فِي الدِّرْهَمِ مِنْ الزَّيْفِ بِمُجَرَّدِ مُشَاهَدَتِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الرِّضَا نَظِيرُ مَا مَرَّ.

(وَلَوْ) (هَلَكَ الْمَبِيعُ) بِآفَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَادِثَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ فِي الْمَوْجُودِ أَيْضًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ) أَيْ بِطَرِيقِ تَبَعِيَّةِ الْحَادِثِ لِلْمَوْجُودِ وَهُوَ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَحْدَهُ صَحَّ الشَّرْطُ فَكَذَا لَوْ جَمَعَهُ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ أَطْلَقَ فِي الْحَادِثِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ) أَيْ فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينٍ مِنْ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ: لَا يَخْفَى عِنْدَ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِيمَا مَرَّ إنَّ مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا إذَا ظَهَرَتْ وَجَهِلَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ بَيَاضُ الشَّعْرِ وَقَلْعُ الْأَسْنَانِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كَانَ حَصَلَ مِنْ الْبَائِعِ تَغْرِيرٌ مَنَعَ مِنْ الرُّؤْيَةِ كَصَبْغِ الشَّعْرِ أَوْ يَكُونُ رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يُعَايِنُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا لَا يُعَايَنُ إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ يَبْرَأُ وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِطِّيخَةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهَا قَرْعَةٌ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ فَلَا رَدَّ لَهُ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ إعْلَامًا بِهِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْرًا بِشَرْطِ أَنَّهُ يَرْقُدُ فِي الْمِحْرَاثِ أَوْ يَعْصِي فِي الطَّاحُونِ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ الْفَرَسَ شَمُوسٌ وَتَبَيَّنَ كَذَلِكَ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْبَائِعُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ بِهِ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُعَايَنُ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ) أَيْ بَائِعٍ أَقْبَضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِيهِ زَيْفًا) أَيْ أَوْ مَقَاصِيصَ فَقَالَ: أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ قَلَّ الزَّيْفُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ بِأَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَقَالَ لِلْبَائِعِ هِيَ نُحَاسٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ فِيهَا نُحَاسًا لَا أَنَّ جَمِيعَهَا نُحَاسٌ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهُ شَاشًا مَثَلًا وَقَالَ إنَّهُ خَامٌ فَإِنْ أَرَاهُ مَحَلَّ الْحُمُوِّ مِنْهُ صَحَّ وَبَرِيءَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ يَزِدْ عَمَّا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ قَهْرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى حَبًّا وَبَذَرَهُ فَنَبَتَ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَمْ يَنْبُتْ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ الْبَعْضِ لِعَيْبٍ فِيهِ مَنَعَ مِنْ إنْبَاتِهِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ بَذْرَ الْحَبِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهُ، فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ مَعَ الْمَوْجُودَةِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ انْفَرَدَ الْحَادِثُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَحْدَهُ لِيُلَائِمَ هَذَا، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ تَصْوِيرُ الْمَتْنِ بِمَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يَحْدُثُ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ زَادَ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى الْمَتْنِ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَوَّرٌ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَادِثِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا مُقَابِلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي: إنْ أُفْرِدَ مَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ الْقَدِيمُ صَحَّ تَبَعًا فَلْيُحَرَّرْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الشَّارِحِ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْمَسْلَكَيْنِ مَعَ مَا فِيهِ مِمَّا يُشْبِهُ التَّنَاقُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>