لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ لَمْ يُؤَدِّ لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ بِخِلَافِ إمْسَاكِهِ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَلَفِهِ وَمَتَى زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ أَوْ الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ امْتَنَعَ فَسْخُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي لَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْذَ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِالتَّرَاضِي مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا نَقُولُ: عِنْدَ إمْكَانِ الرَّدِّ يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ سَلْطَنَةِ الرَّدِّ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ تَكُونُ عَمَّا فَاتَ مِنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ) الْإِمْسَاكَ وَالرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ.
وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَلْبِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي.
نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ بِمَا زَادَ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ أَرُدُّهُ وَأَغْرَمُ لَك قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُ جَمِيعِهِ أُجِيبَ الْبَائِعُ وَوَجَّهَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي هُنَا إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ وَقِيمَةَ الصَّبْغِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَثَمَّ لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الرَّدَّ وَأَرْشَ الْحَادِثِ غَرَّمْنَاهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُ جَمِيعِهِ فَصَلَهُ وَرَدَّ الثَّوْبَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْصِ زَوَالُ بَعْضِ الْعَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُقَيَّدُ بِهِ، بَلْ لَوْ كَانَ الْعَيْبُ نَحْوُ انْصِدَاعٍ لِلْحُلِيِّ أَوْ ابْتِلَالٍ لِلْبُرِّ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا فُسِخَ الْعَقْدُ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي يَدِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ عَقْدٌ بِمُوجِبِ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ الْمُفَاوَضَةِ وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ الرِّبَوِيُّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ لَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى قَدِيمٍ بَعْدَ حُدُوثِ آخَرَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ فَلَا يُؤَدِّي لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ لَمَّا نَقَصَ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فَكَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةَ فَاءٍ فِي لَمْ يُؤَدِّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ) وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ بَدَلَ التَّالِفِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُهُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَإِزَالَتِهِ بِنَحْوِ دَوَاءٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي) أَيْ يَمْنَعُ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ) أَيْ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ بِنَحْوِ وِلَايَةٍ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ اهـ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَطَلَبَ الْوَلِيُّ الْإِمْسَاكَ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَنْصَرِفُ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ طَلَبَهُ غَيْرُ الْوَلِيِّ كَالْبَائِعِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ، أُجِيبَ: لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا تَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَوَلِيُّهُ الْآنَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ أَوْ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: وَأَخْذَ مَا) أَيْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ مُشْتَرٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الصَّبْغِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا تَزِيدُ بِهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ أَرُدُّهُ) أَيْ أَقْبَلُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ رَدُّهُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْبَائِعُ) أَيْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبْغُ عَيْبًا أَمْ لَا، وَلَيْسَ مُرَادًا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِ هَذَا السُّؤَالِ، وَالْجَوَابُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ فِيهِ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الرَّدُّ قَهْرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى تَرْكِهِ عَلَى مَالٍ بَلْ يَسْقُطُ رَدُّهُ بِذَلِكَ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ، وَلَمَّا كَانَ مُشْكِلًا عَلَى مَا هُنَا مِنْ غُرْمِ الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَعَدَمِ الرَّدِّ ذَكَرَ إشْكَالَهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِنَعَمْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ إلَخْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ الْمَذْكُورِ تَفْصِيلًا طَوِيلًا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute