للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُفَصِّلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ، وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الْأَرْشُ، فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ يُخَيِّرُ الْبَائِعَ بَيْنَ بَذْلِ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَأَخْذِهِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النَّسْجَ عَمَلٌ مُقَابَلٌ بِعِوَضٍ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا تَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يُرَدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا بِهِ وَبِالْحَادِثِ، بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ.

(وَيَجِبُ أَنْ) (يُعْلِمَ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ (بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ كَمَا يَجِبُ الْفَوْرُ فِي الرَّدِّ حَيْثُ لَا حَادِثَ.

نَعَمْ يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِوُجُوبِ فَوْرِيَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ تَأْخِيرِهِ بِرِضَاهُ بِهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَرَمَدٍ وَحُمَّى عُذِرَ فِي انْتِظَارِهِ لِيَرُدَّهُ سَالِمًا عَلَى أَوْجَهِ الْقَوْلَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ، وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ، وَأَنَّ الْحَادِثَ لَوْ كَانَ هُوَ الزَّوَاجُ فَعَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَانْتَظَرَهُ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّهَا خَلِيَّةً لَمْ يَبْطُلْ رَدُّهُ، وَلَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ مِثْلُ الْقَدِيمِ كَبَيَاضٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ فِي عَيْنِهِ ثُمَّ زَالَ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ الْحَالُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ الزَّائِلُ الْقَدِيمُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْحَادِثُ فَلِي الرَّدُّ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الرَّدُّ بِحَلِفِ الْبَائِعِ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي بِحَلِفِهِ الْأَرْشُ وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَكَلَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ الْأَقَلُّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ مِنْهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ كَمَا فِي نُظَّارِهِ (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى عَلَيْهِ التَّنَازُعُ وَطَلَبُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ حَيْثُ يُرَدُّ الْحَيَوَانُ ثُمَّ يَجُزُّهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَرْشُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) وَهُوَ النَّسْجُ، وَالْمُرَادُ رَضِيَ بِأَخْذِهِ مَنْسُوجًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ) أَيْ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْمَضْمُونِ بِالثَّمَنِ وَأَمَّا الْحَادِثُ فَهُوَ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ فَهُوَ بَدَلُ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) أَيْ فَلَوْ عَرَفَ الْفَوْرِيَّةَ ثُمَّ نَسِيَهَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الرَّدِّ لِنُدْرَةِ نِسْيَانِ مِثْلِ هَذِهِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِنِسْيَانِ الْحُكْمِ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أُزِيلُ لَك الْعَيْبَ أَغْتُفِرَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَبِيعِ ثَمَّ لِلْمُشْتَرِي وَاشْتِغَالُ الْبَائِعِ بِإِزَالَةِ الْعَيْبِ يُفَوِّتُ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاعْتُبِرَ فِي مُدَّةِ إزَالَتِهِ أَنْ لَا تُقَابَلَ بِأُجْرَةٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَفُوتُ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَاغْتُفِرَتْ مَعَ قِصَرِهَا لِعَدَمِ الْإِشْعَارِ بِبَقَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي عَلَى مُوَافَقَةِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ طَالَتْ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَنَةٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَيَجِبُ الْأَرْشُ حَالًا، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْعَيْنِ الْمَسْلُوبَةِ الْمَنْفَعَةِ صَبَرَ الْمُشْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَأْخُذُ أَرْشًا لِعَدَمِ يَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّزْوِيجَ لَمَّا كَانَ يُرَادُ بِهِ الدَّوَامُ وَكَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَادِرًا لَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) أَيْ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) أَيْ أَرْشُ الْأَقَلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُضِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ) لَوْ ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ تَغَيُّرِهِ بِدُونِ ذَبْحِهِ كَمَا فِي الْجَلَّالَةِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بَعْدَ ذَبْحِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ.

هَذَا حَاصِلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ الْحَادِثِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) يَعْنِي فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَنْسُوجًا

. (قَوْلُهُ: لَهُ بِهِ) أَيْ الْقَدِيمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>