للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُجْزِهِ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةً شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَكْفِيهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ حَدَثَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ مَنْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ وَقَدْ فَعَلَ وَاجِبًا، بَلْ لَوْ نَوَى فِيهَا إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ تَذَكَّرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ

(وَمَنْ) (نَوَى) بِوُضُوئِهِ (تَبَرُّدًا) أَوْ أَمْرًا يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَتَنَظُّفٍ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ (مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) إنْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا نِيَّةَ الْوُضُوءِ عِنْدَ نِيَّةِ نَحْوِ التَّبَرُّدِ (جَازَ) وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَمَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ كَأَنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ دُونَ اسْتِئْنَافِ طَهَارَتِهِ.

وَهَلْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ فِي كَوْنِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا أَوْ لَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ قَطْعِهَا لِكَوْنِهَا لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ، إذْ تَصُونُ مَاءَهَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ لَا سِيَّمَا وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ تَذَكُّرَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وُجُودِهَا، بِخِلَافِ نِيَّةِ نَحْوِ التَّنَظُّفِ، وَحَيْثُ وَقَعَ تَشْرِيكٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا كَمَا هُنَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وُضُوءُ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ كَمَا يَبْطُلُ بِهَا التَّيَمُّمُ وَالنِّيَّةُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُقْتَضَى، فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَضَى فَائِتَةً شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ صَلَّاهَا أَوْ لَا، فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَيْسَتْ لِلِاحْتِيَاطِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ) وَفَائِدَةُ الْإِجْزَاءِ عَدَمُ الْعِقَابِ عَلَيْهَا وَحُصُولُ ثَوَابِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مُحْدِثًا أَوْ نَسِيَ الْحَدَثَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَذَكَّرْ فَإِنَّهُ لَا عِقَابَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى صَلَاتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يَنَالُ مِنْ الدَّرَجَاتِ مَا أُعِدَّ لِلْمُصَلِّي

(قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ دُونَ اسْتِئْنَافٍ إلَخْ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ غَسْلِ مَا قَبْلَ نِيَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) أَيْ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِبُطْلَانِ النِّيَّةِ الْأُولَى بِنِيَّةِ نَحْوِ التَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ) أَيْ غَالِبًا اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَعِبَارَتُهُ وَقَوْلُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ إلَخْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ إخْرَاجَ الْمَاءِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ نِيَّتَهُ السَّابِقَةَ، وَلَا أَنَّهُ طَهُرَ وَجْهُهُ وَلَا أَرَادَ تَطْهِيرَ خُصُوصِ يَدِهِ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ، فَقَدْ تُصُوِّرَتْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ انْتَهَى.

هَذَا وَقَدْ يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيَّةَ اغْتِرَافٍ، إذْ حَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إخْرَاجُ الْمَاءِ خَارِجَ الْإِنَاءِ بِقَصْدِ التَّطْهِيرِ لِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا دَائِمًا لَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ) وَقَالَ حَجّ: الْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ بِأَدِلَّتِهِ الْوَاضِحَةِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الدُّنْيَا أَوْ اسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ) كَسَلَسٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَبْطُلُ بِهَا التَّيَمُّمُ) وَإِنَّمَا أَبْطَلَتْ الرِّدَّةُ وُضُوءَ نَحْوِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالتَّيَمُّمَ دُونَ وُضُوءِ السَّلِيمِ لِأَنَّ تِلْكَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا ضَرُورَةَ لِبَقَائِهَا مَعَ الرِّدَّةِ فَبَطَلَتْ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ وُضُوءُ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ فِي الْوَقْتِ مُسْقِطٌ لِلْوُجُوبِ كَالْجُنُونِ وَشَكَّ فِي اسْتِغْرَاقِهِ الْوَقْتَ.

أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَشَكَّ فِي الْفِعْلِ الْمُسْقِطِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّلَاةَ الْحَاصِلَةَ مَعَ الشَّكِّ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ الذِّمَّةِ

(قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ، وَلَا تَبْطُلُ بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ بَنَى كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>