للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَحْمُضْ لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْوَسَطُ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ لِكَثْرَةِ التَّمْرِ بِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَمَحِلُّ مَا ذَكَرَ عِنْدَ عَدَمِ تَرَاضِيهِمَا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِ الصَّاعِ أَوْ عَلَى رَدِّهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ كَانَ جَائِزًا، وَقَدْ بَحَثَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ بَدَلَ اللَّبَنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ قَدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَقِيلَ يَكْفِي صَاعُ قُوتٍ) لِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بِالطَّعَامِ وَرِوَايَةٌ بِالْقَمْحِ فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهُ تَخَيَّرَ وَرَدُّوهُ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» أَيْ حِنْطَةٌ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ وَهِيَ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ عِنْدَهُمْ فَغَيْرُهَا أَوْلَى، وَرِوَايَةُ الْقَمْحِ ضَعِيفَةٌ، وَالطَّعَامُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّمْرِ لِمَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزْ أَعْلَى مِنْهُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا سَدُّ الْخَلَّةِ، وَهُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ إذْ الضَّمَانُ بِالثَّمَرِ لَا نَظِيرَ لَهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ التَّنَازُعَ فِي قَدْرِ اللَّبَنِ قَدَّرَ الشَّارِعُ بَدَلَهُ بِمَا لَا يَقْبَلُ تَنَازُعًا قَطْعًا لَهُ مَا أَمْكَنَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الصَّاعَ لَا يَخْتَلِفُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَقِبَ الْبَيْعِ بِحَيْثُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُحْتَمَلُ فِيهِ حُدُوثُ لَبَنٍ كَانَ لِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّهِ لِأَنَّ عَيْنَ مِلْكِهِ، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ عَدَمُ إجْبَارِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَ فِي وُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ لَبَنٍ أَوْ لَا وَالتَّقْدِيرُ بِالصَّاعِ مِنْ التَّمْرِ تَعَبُّدِيٌّ عَلَى أَنَّ مُضِيَّ أَدْنَى زَمَنٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ مَظِنَّةٌ لِزِيَادَةِ لَبَنٍ يَزِيدُ الْمُشْتَرِي وَكَثِيرًا مَا يُقِيمُونَ الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْمُض) مِنْ بَابِ سَهُلَ وَنَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعِ تَمْرِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي بَلَدِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَا فِيمَا فَوْقَهَا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) زَادَ حَجّ يَوْمَ الرَّدِّ لَا أَكْثَرُ الْأَحْوَالِ اهـ.

وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِاسْتِصْحَابِ مَا عُلِمَ قَبْلُ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِذَا فَارَقَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ الْمَدِينَةَ وَقِيمَةُ الصَّاعِ فِيهَا دِرْهَمٌ مَثَلًا اسْتَصْحَبَ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الشَّاةِ دِرْهَمًا حَتَّى يَعْلَمُ خِلَافَهُ أَوْ يَظُنُّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَيٍّ) وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ رَدِّ الْبَهِيمَةِ بَعْدَ حَلْبِهَا بِلَا شَيْءٍ مَعَ عَدَمِ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِبَدَلِ اللَّبَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُوبِ شَيْءٍ لَهُ، فَمَتَى عَلِمَ بِهِ كَانَ لَهُ الطَّلَبُ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ.

وَقِيَاسُ مَا قِيلَ مِنْ وُجُوبِ إعْلَامِ النِّسَاءِ بِأَنَّ لَهُنَّ الْمُتْعَةَ وُجُوبُ إعْلَامِ الْبَائِعِ بِاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: بَدَلَ اللَّبَنِ) أَيْ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ حَدَثَ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا بِعَيْبٍ فَهَلْ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ أَمْ لَا؟ أَجَابَ مُؤَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ اللَّبَنَ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ) .

[فَرْعٌ] يَتَعَدَّدُ الصَّاعُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ كَأَنْ وَكَّلَ جَمْعٌ وَاحِدًا فِي شِرَائِهَا لَهُمْ سَوَاءٌ حَلَبُوهَا جَمِيعُهُمْ أَوْ حَلَبَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ قُلْت حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ جِدًّا م ر أَيْ أَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْهَا بِغَيْرِ حَلْبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[فَرْعٌ] يَنْبَغِي وُجُوبُهُ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ مُصَرَّاةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ حَيْثُ كَانَ جُمْلَتُهُ مُتَمَوِّلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ جِنْسُهُ) أَيْ الْقُوتُ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَدُّ الْخَلَّةِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ثُمَّ رَدَّهَا يَقَعُ التَّقَاصُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ الْحَلْبِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ تَفْسِيرِ ضَمِيرِ رَدَّهَا فِي الْمَتْنِ بِاللَّبُونِ، وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>