للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَحْوُ فَصْدٍ وَاسْتِغْرَاقِ ضِحْكٍ وَخَوْفٍ، وَكُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ نَاقِضٌ فَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَإِنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ لِذَلِكَ أَتَى بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا إنْ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا لَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَدُخُولِ السُّوقِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَزِيَارَةِ وَالِدٍ وَصَدِيقٍ لَا يُجْزِئُهُ قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ، وَلَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ لَمْ تُجْزِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ فَبَانَ تَالِفًا حَيْثُ يُجْزِئُهُ عَنْهَا بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالزَّكَاةَ مَالِيَّةٌ وَالْأُولَى أَضْيَقُ، وَلَوْ انْغَمَسَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى الطُّهْرَ بَسَطَهُ فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا لَهُ فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ فِيهِمَا لَمْ يُجْزِهِ لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ، وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ

(وَيَجِبُ) (قَرْنُهَا بِأَوَّلِ) غَسْلِ (الْوَجْهِ) فَمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا مِنْهُ لَاغٍ وَمَا قَارَنَهَا هُوَ أَوَّلُهُ فَتَجِبُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَنْ حَمَلَهُ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ فَصْدٍ) وَمِنْهُ الْحِجَامَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ لَا تُجَامِعُ النَّجَاسَةَ الْغَيْرَ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مُطْلَقًا وَتُجَامِعُ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي ذَوَاتِ السَّبَبِ م ر اهـ سم.

وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى لِيُصَلِّيَ بِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ صَلَاةً مَكْرُوهَةً لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ مَا اسْتَوْجَهَهُ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ الَّذِي فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ خِلَافُهُ.

وَعِبَارَتُهُ: سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّ بِهِ صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّ بِهِ فِي مَكَان نَجِسٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَقِيسِ الصِّحَّةُ وَفِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَدَمُهَا.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ عَهِدَ جَوَازَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي رَجَبٍ الْوُضُوءَ لِيُصَلِّيَ بِهِ الْعِيدَ فِي رَجَبٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ) أَيْ بِمَحَلٍّ لَا يُعَدُّ إخْرَاجُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخْرَجَ فِيهِ نَقْلًا لِلزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَضْيَقُ) أَيْ وَأَيْضًا فَمَسْأَلَةُ الزَّكَاةِ رَدَّدَ فِي نِيَّتِهَا بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ، وَمَا هُنَا رَدَّدَ فِيهِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِنِيَّتِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَضَعُفَتْ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ غَيْرَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ نَزَلَ فِي الْمَاءِ بَعْدُ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا لِكَوْنِ النُّزُولِ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَهُ مَطَرٌ أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ الْمَاءَ لِغَرَضٍ كَإِزَالَةِ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْوَحْلِ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّ نُزُولَهُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ يُعَدُّ صَارِفًا عَنْ الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ حَيْثُ لَا صَارِفَ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ بِأَنْ قَصَدَ الْغُسْلَ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ أَطْلَقَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَرْنُهَا) . [فَرْعٌ] يَنْبَغِي جَوَازُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِغَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ قَبْلَ غَسْلِ بَشَرَتِهِ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَصْلِيٌّ لَا بَدَلٌ وِفَاقًا لمر، أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الشَّعْرَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: وَلَا يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِمَا يَجِبُ زِيَادَةً عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ لِيَتِمَّ غَسْلُهُ إذَا بَدَأَ بِهِ لِتَمَحُّضِهِ لِلتَّبَعِيَّةِ قَالَ بِخِلَافِ قَرْنِهَا بِالشَّعْرِ فِي اللِّحْيَةِ وَلَوْ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّهَا قَالَ فِي هَذَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَا يُخَالِفُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَمِثْلُ الشَّعْرِ بَاطِنُ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ لِأَجْلِ الِاعْتِدَادِ بِهِ كَمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ خَصَّ الْمَتْنَ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ غَيْرِهِ كَالرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ إنْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلْقِرَاءَةِ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِهَا أَوَّلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ مَثَلًا لِصِحَّةِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَلَا يُبْطِلُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>