بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ (وَمَوْرُوثٌ) يَمْلِكُ الْهَالِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْهَالِكُ بَيْعَهُ مَثَلًا بِأَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي يَدِ بَائِعِهِ بِأَمَانَةٍ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا يَمْلِكُهُ الْغَانِمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ مُشَاعًا بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ وَبَيْعُ مَوْهُوبٍ رَجَعَ فِيهِ الْأَصْلُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَقْسُومٌ قِسْمَةَ إفْرَازٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا بَيْعَ شِقْصٍ أَخَذَهُ بِشُفْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُعَاوَضَةٌ.
وَلَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً فَهَلْ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ الِانْتِزَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الضَّمَانِ وَيَسْتَقِرَّ الْعَقْدُ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؟ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ لِتَوَجُّهِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْبَائِعِ (وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ، نَعَمْ لَوْ أَكْرَى صَبَّاغًا أَوْ قَصَّارًا لِعَمَلِ ثَوْبٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَهُ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ لِلْعَمَلِ وَلِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ كَذَا قَالَاهُ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ إذْ لَهُ حَبْسُهُ لِتَمَامِ الْعَمَلِ أَيْضًا، وَلَا يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ جَوَازَ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْهُ الْأَجِيرُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِ غَنَمِهِ شَهْرًا أَوْ لِيَحْفَظَ مَتَاعَهُ الْمُعَيَّنَ شَهْرًا جَازَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَجِيرِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ إذْ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا، وَالرَّاجِحُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُورَثِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْأَصْلِ لَهُ مِنْ فَرْعِهِ (قَوْلُهُ: قِسْمَةُ إفْرَازٍ) وَهُوَ الْمُتَشَابِهَاتُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ تَخْصِيصُ الْبُطْلَانِ بِقِسْمَةِ الرَّدِّ، وَكَذَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ قَبْلُ لَكِنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي قِسْمَةِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَا هُنَا فِي بَيْعِ مَا مَلَكَهُ بِالْقِسْمَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ شِقْصٍ) عَطْفُ مَعْنًى عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِيَتَخَلَّصَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ لَتَوَجَّهَ التَّسْلِيمُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَاسْتَقَلَّ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ اعْتَدَّ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ.
(قَوْلُهُ: وَسَلَّمَهُ لَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَقْدَ لَزِمَ بِمُجَرَّدِهِ وَبَيْعُهُ يُفَوِّتُ عَلَى الْأَجِيرِ فِيهِ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ سَوَاءٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْ قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إلَخْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْدَالُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَصْوِيرٌ) أَيْ قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ التَّصْوِيرُ أَنَّ حَمْلَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ عَلَى مَعْنَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ عَلَى بَعْدَ الشُّرُوعِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَلَى كَمَالِهِ فَيُفِيدُ جَوَازَ الْحَبْسِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا
[حاشية الرشيدي]
تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ
. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ. (قَوْلُهُ: مُشَاعًا) أَيْ إذَا كَانَ قَدْرًا مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَوْ أَكْرَى صَبَّاغًا إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: لَا مُسْتَأْجَرٍ لِصَبْغِهِ أَوْ قِصَارَتِهِ مَثَلًا وَقَدْ تَسَلَّمَهُ الْأَجِيرُ، كَذَا قَالَاهُ، وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا قَيْدٌ، فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ انْتَهَتْ.
فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَحُمِلَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ تَسَلَّمَهُ الْأَجِيرُ بِدَلِيلِ مَا قَرَّرَهُ بَعْدَهُ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ لَوْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ الْإِبْدَالِ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي مَا هُنَا عِبَارَتُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى هَذَا الْحَمْلِ لَمْ يَتَأَتَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّهَابُ سم فِي عِبَارَةِ حَجّ. (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) يَعْنِي الِاسْتِئْجَارَ لِرَعْيِ الْغَنَمِ وَحِفْظِ الْمَتَاعِ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute