مَالِيَّتُهُ
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ مُؤَجَّلًا عَنْ حَالٍّ وَيَصِحُّ عَكْسُهُ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ، وَالثَّمَنُ النَّقْدُ إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ نَعَمْ الْأَقْرَبُ فِيمَا لَوْ بَاعَ رَقِيقَهُ مَثَلًا بِدَرَاهِمَ سَلَمًا امْتِنَاعُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَمَنًا لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُسَلَّمٌ فِيهَا، وَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ صِحَّةَ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ بِذَلِكَ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ (فَإِنْ اُسْتُبْدِلَ مُوَافِقًا فِي) جِنْسِ الرِّبَا كَذَهَبٍ عَنْ ذَهَبٍ اُشْتُرِطَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوْ (عِلَّةُ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدُ الِاسْتِبْدَالِ، لِأَنَّ الصَّرْفَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ.
وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
(وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ (الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ) فِي الْأَصَحِّ (إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ) لَلرِّبَا (كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ قَطْعًا، وَفِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ الْوَجْهَانِ فِي اسْتِبْدَالِ الْمُوَافِقِ.
وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ.
لَا يُقَالُ: حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ كَطَعَامٍ عَنْ دَرَاهِمَ لِأَنَّ الثَّوْبَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَا يُوَافِقُ الدَّرَاهِمَ فِي عِلَّةِ الرِّبَا.
لِأَنَّا نَقُولُ: السَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَتَصْدُقُ بِأَنْ لَا رِبَا أَصْلًا لِإِطْلَاقِهِمْ عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ أَوْ طَعَامٍ بِدَرَاهِمَ أَنَّهُمَا مِمَّا لَمْ يَتَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا (وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ) نَفْسَهُ أَوْ دَيْنَهُ وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الثَّانِي (وَ) عَنْ (قِيمَةِ) يَعْنِي بَدَلَ (الْمُتْلَفِ) مِنْ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَبَدَلُ غَيْرِهِمَا كَالنَّقْدِ فِي الْحُكُومَةِ حَيْثُ وَجَبَ (جَازَ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رِبًا فَلَا يُؤَثِّرُ زِيَادَةٌ تَبَرَّعَ بِهَا الْمُؤَدِّي بِأَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ، وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ هُنَا كَافٍ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْمَالِكِ، إذْ الْقَصْدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: يَقْصِدُ مَالِيَّتَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ عَرَضًا وَالثَّمَنُ نَقْدًا.
أَمَّا لَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَلَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَ فَلَعَلَّ التَّعْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ
(قَوْلُهُ: إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ دِينَارًا بِفُلُوسٍ مَعْلُومَةٍ فِي الذِّمَّةِ امْتَنَعَ اعْتِيَاضُهُ عَنْ الْفُلُوسِ لِأَنَّ الدِّينَارَ هُوَ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ النَّقْدُ وَالْفُلُوسُ هِيَ الثَّمَنُ، وَالْمُثَمَّنُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ يَمْتَنِعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ) وَمِنْهُ التَّقَابُضُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمُ فَعَوَّضَهُ عَنْهَا مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ، وَقَبْضُ مَا جَعَلَهُ عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَصُدِّقَ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ تَقَابُضٌ لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْعِوَضِ الْمَدْفُوعِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْحُكْمِيِّ فِيمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ.
وَمَحِلُّ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ التَّعْوِيضُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: الْوَجْهَانِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ نَفْسُهُ) بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنُهُ) بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْمَالِكِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّهْيَ السَّابِقَ: أَعْنِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ الْمَبِيعِ فَلَا يَعُمُّ الثَّمَنَ إلَّا بِتَأْوِيلٍ. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) يَعْنِي إطْلَاقَ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ الصَّادِقِ بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَبِعَدَمِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي التَّقَابُضِ فِي الْغَالِبِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ. (قَوْلُهُ: نَفْسِهِ) إنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَنَّهُ يُقْرِضُهُ شَيْئًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ إيَّاهُ يُبَدِّلُهُ لَهُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ بَلْ بِالِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالِاسْتِبْدَالُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَيْءٍ مَمْلُوكٍ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ هُوَ الَّذِي يُبَدِّلُهُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقْتَرَضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ