للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْقَاطُ دُونَ حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَةِ، فَاشْتِرَاطُ بَعْضِهِمْ نَحْوَ الْوَزْنِ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَرْضِ وَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَاشْتِرَاطُ قَبْضِهِ) أَيْ الْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ) وَتَعْيِينُهُ (مَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُمَا إنْ تَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَوْنُهُ حَالًّا وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْهُمَا مُؤَجَّلًا فَسَقَطَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ بَدَلَ هَذَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا، وَلَوْ عِوَضٌ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبُ ذَهَبًا وَفِضَّةً كَانَ بَاطِلًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ: لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَلْفِ دِرْهَمٍ، إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورَةِ عَوَّضْتُك هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الرِّبَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ

(وَبَيْعُ الدَّيْنِ) غَيْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِعَيْنٍ (لِغَيْرِ مَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ) (بَاطِلٌ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو) لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَهَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفْتَى بِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْخُلْعِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ السَّابِقُ، وَمَحِلُّهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا وَالْمَدِينُ مُقِرًّا مَلِيًّا أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ حِينَئِذٍ، وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْبَغَوِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ، وَالْقَوْلُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الرِّبَوِيِّ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ صَحِيحٌ لِعَدَمِ تَأَتِّيه مَعَ تَمْثِيلِهِمَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو (وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ فَبَاعَ زَيْدٌ عُمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ) أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٍ فَاسْتَبْدَلَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ (بَطَلَ قَطْعًا) اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ صَحَّحَهُ جَمْعٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، وَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدِينٍ.

ثُمَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ عَقْدُ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِالْقَنَاعَةِ فَلَا يَتَمَحَّضُ عَقْدُهُ لِلتَّعْوِيضِ وَإِنْ جَرَى عَلَى مُعَيَّنٍ

(قَوْلُهُ: بِعَيْنٍ) أَيْ أَوْ بِدَيْنٍ يُنْشِئُهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَيْ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِي إقَامَتِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا رِبَوِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَبْدَلَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ) هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الْحَوَالَةِ وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ: جَعَلْت مَالِي عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ لَك فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِك وَاتَّحَدَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَحُلُولًا وَأَجَلًا وَصِحَّةً وَكَسْرًا فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَكْثَرِ فُرُوعِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تُعْطَى أَحْكَامَ الِاسْتِيفَاءِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهَا مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي لَمْ يُطْلَقْ فِيهَا الْقَوْلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ بَدَلِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِبْدَالُ إلَّا عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ لَا عَنْ نَفْسِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ الْمُقْتَرَضَةَ وَيَدْفَعَ بَدَلَهَا لِلْمُقْرِضِ وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً.

وَأَمَّا جَوَازُ رُجُوعِ الْمُقْرِضِ فِيهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً فَشَيْءٌ آخَرُ إذْ هُوَ فَسْخٌ لِعَقْدِ الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ مَا ذَكَرُوهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>