للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ نَرَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ، فَكَذَا تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَفْعَالِهِ.

وَالثَّانِي لَا كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَجْزَائِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ تَفْرِيقِهَا بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا نَحْوَ نِيَّةِ تَبَرُّدٍ أَوْ لَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَأَكْثَرُ فُرُوعِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْفِيَ غَيْرَ ذَلِكَ الْعُضْوِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُمَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى النِّيَّةِ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ، إذْ نِيَّتُهُ عِنْدَ يَدَيْهِ الْآنَ كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ، وَهَلْ يَقْطَعُ النِّيَّةَ نَوْمُ مُمَكَّنٍ؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَإِنْ طَالَ، وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ يَحِلُّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ خَاصَّةً لَا جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَيَرْتَفِعُ حَدَثُ كُلِّ عُضْوٍ بِغَسْلِهِ مَعَ بَقَاءِ مَنْعِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ إلَى تَمَامِهَا

(الثَّانِي) مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ) ظَاهِرِ (وَجْهِهِ) بِالْإِجْمَاعِ لِلْآيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَسْلِ فِي هَذَا الْبَابِ الِانْغِسَالُ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صُوَرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَلَهُ تَفْرِيقُهَا: أَيْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ عَنْهُ لَا غَيْرِهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِيهِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ: [فَرْعٌ] قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي رَفْعِ الْحَدَثِ.

قَالَ حَجّ: وَالطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي سَائِرِ الْكَيْفِيَّاتِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ غَسْلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ، أَوْ لِأَجْلِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَفِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: [فَرْعٌ] اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ، فَهَلْ يَصِحُّ وَتَكُونُ كُلُّ نِيَّةٍ مُؤَكِّدَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَقْطَعُ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاطِعًا لِنِيَّتِهَا، وَقَدْ يَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَفْرِيقُ نِيَّتِهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ لِكَوْنِهَا هَيْئَةً وَاحِدَةً إذَا نَوَى قَطْعَهَا بَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا، وَالْوُضُوءُ إذَا نَوَى قَطْعَهُ بَطَلَتْ نِيَّتُهُ دُونَ مَا مَضَى مِنْهُ فَلَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ حَجّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ خِلَافَ التَّفْرِيقِ يَأْتِي فِي الْغُسْلِ.

وَقَدْ يُشْكِلُ مَا هُنَا بِالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهِ مَعَ جَوَازِ تَفْرِيقِهِ كَالْوُضُوءِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَجُوزُ التَّقَرُّبُ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ ضَعِيفٌ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الطَّوَافَ فِي هَذَا بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: يَحِلُّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ خَاصَّةً لَا جَمِيعَ الْبَدَنِ) وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا حَدَثَ بِظَهْرِهِ مَثَلًا.

فَإِنْ قُلْنَا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ حَنِثَ أَوْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ فَقَطْ لَمْ يَحْنَثْ

(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ لِلْآيَةِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِلْآيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ أَقْوَى لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالَاتِ عَنْهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِلْآيَةِ وَالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ حَيْثُ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ وَاشْتَبَهَ أَوْ تَمَيَّزَ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي، وَقَوْلُهُ أَوْ رَأْسَانِ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ تَمَيَّزَ وَجَبَ مَسُّ جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ غَيْرِهِ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا إلَخْ: أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ، أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَيْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا

(قَوْلُهُ الِانْغِسَالُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ ذَكَرًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>