للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ غَالِبًا وَ) تَحْتَ (مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أَيْ عَرْضًا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِكُلِّ ذَلِكَ، بِخِلَافِ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا، بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ لِضَرَرِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْضًا، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ: إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ فَيَتَعَيَّنُ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ، وَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ الزَّائِدِ فَقَطْ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الْفَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ انْتَهَى.

قُلْت: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِيِّ، وَقَوْلُهُ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ: أَيْ وَيَكْفِيهِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَقَطْ، وَمَا تَقَدَّمَ غَسْلُهُ عَلَى النِّيَّةِ يَجِبُ إعَادَتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ.

وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَنَّ سم تَوَقَّفَ فِيهِ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ تَمْيِيزِ الزَّائِدِ وَكَانَ سَمْتَ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ قَرْنُهَا بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ هَذَا اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي غَسْلِهِمَا عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ غَسَلَ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ بِمَاءٍ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ الثَّانِيَ اكْتَفَى بِهِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ غَسْلِهِ بِمُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ هُوَ الثَّانِي فَغَسْلُ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا لِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ عَنْ الْمَغْسُولِ، فَإِذَا غَسَلَ بِهِ الثَّانِيَ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ غَسْلُ كُلٍّ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْإِحْسَاسُ بِاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَةَ مِنْ الْكَفَّيْنِ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ أَنَّ مَا بِهِ الْإِحْسَاسُ مِنْهُمَا هُوَ الْأَصْلِيُّ.

وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ خَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أَيْ وَتَدَيْهِمَا.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْوَتَدُ وَيُحَرَّكُ وَكَكَتِفٍ: مَا غُرِزَ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ مِنْ خَشَبٍ، وَمَا كَانَ فِي الْعَرُوضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ كَعَلَى، وَالْهُنَيَّةُ النَّاشِزَةُ فِي مُقَدَّمِ الْأُذُنِ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي الْمُعْتَلِّ: وَفِي الْحَدِيثِ: هُنَيَّةُ، مُصَغَّرَةُ هَنَةٍ أَصْلُهَا هَنْوَةٌ: أَيْ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَيُرْوَى هُنَيْهَةٌ: إبْدَالُ الْيَاءِ هَاءً انْتَهَى. [تَنْبِيهٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ أُذُنَاهُ خَلْفَهُ بِأَنْ صَارَتَا قَرِيبَتَيْنِ مِنْ الْقَفَا هَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْمِرْفَقِ أَمْ لَا؟ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُهُ مِنْ الْمُعْتَدِلِ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ.

وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكُونُ غَايَةً لِلْوَجْهِ مِنْ مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ خُلِقَ مِرْفَقُهُ فَوْقَ الْمُعْتَادِ بِأَنَّ الْمِرْفَقَ جُزْءٌ مِنْ الْيَدِ وَقَدْ عُلِّقَ الْغَسْلُ بِهَا فِي الْآيَةِ مَعَ الْمِرْفَقِ وَفِي الْوَجْهِ أَمْ بِغَسْلِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَهُوَ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَالْأُذُنُ إنَّمَا جُعِلَتْ عَلَامَةً عَلَى حَدِّهِ فَإِذَا خُلِقَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَفَا فَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَجْهِ لَا يَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ فَلَمْ تَشْمَلْهُ الْآيَةُ، وَالْعَلَامَةُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ الْعَادَةَ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ أُذُنَاهُ قَرِيبًا مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَثَلًا هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَيُجَابُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا وَيُعْتَبَرُ مَحَلُّهُمَا الْأَصْلِيُّ بِغَالِبِ النَّاسِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِيهِ تَفْصِيلٌ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الزَّائِدُ، وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ تَوْلِيدَاتٍ كَثِيرَةً كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ بِعَكْسِهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>