للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ إنْ تَنَجَّسَ بَاطِنُهَا وَجَبَ غَسْلُهُ، وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ إزَالَتِهَا عَنْ الشَّهِيدِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ دَمِ الشَّهَادَةِ.

وَيَجِبُ غَسْلُ مَوْقَى الْعَيْنِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوُ رَمَاصٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ وَجَبَ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ، وَقَوْلُهُ غَالِبًا إيضَاحٌ لِبَيَانِ إخْرَاجِ الصَّلَعِ وَإِدْخَالِ الْغَمَمِ، إذْ التَّعْبِيرُ بِالْمَنَابِتِ كَافٍ فِي ذَلِكَ فِيهِمَا لِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَعِ مَنْبَتُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَإِنْ انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْهُ لِسَبَبٍ، وَالْجَبْهَةُ لَيْسَتْ مَنْبَتَهُ وَإِنْ نَبَتَ عَلَيْهَا الشَّعْرُ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

أَمَّا مَوْضِعُ الْغَمَمِ فَدَاخِلٌ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَجْهِ (مَوْضِعُ الْغَمَمِ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ، وَالْغَمَمُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَمَّ الشَّيْءَ إذَا سَتَرَهُ، وَمِنْهُ غَمَّ الْهِلَالُ، وَيُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ، وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ وَتَمْدَحُ بِالنَّزْعِ، إذْ الْغَمَمُ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالنَّزْعُ بِضِدِّ ذَلِكَ.

قَالَ الْقَائِلُ:

فَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا

وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ (وَكَذَا التَّحْذِيفُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ مَوْضِعُهُ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَشْرَافَ يَحْذِفُونَ الشَّعْرَ عَنْهُ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ، وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ: أَنْ تَضَعَ طَرَفَ خَيْطٍ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ وَالطَّرَفَ الثَّانِيَ عَلَى أَعْلَى الْجَبْهَةِ وَيُفْرَضُ هَذَا الْخَيْطُ مُسْتَقِيمًا، فَمَا نَزَلَ عَنْهُ إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ (لَا النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدَ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَسْلُ مُوقَيْ الْعَيْنِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مُؤْقُ الْعَيْنِ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ مُؤَخَّرُهَا.

ثُمَّ قَالَ: وَجَمْعُهُ أَمْآقٌ بِسُكُونِ الْمِيمِ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، وَيَجُوزُ الْقَلْبُ فَيُقَالُ آمَاقٍ.

مِثْلُ أَبْؤُرٍ وَأَبْآرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوَ رَمَاصٍ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الرَّمَصُ بِفَتْحَتَيْنِ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ فِي الْمُوقِ، فَإِنْ سَالَ فَهُوَ غَمَصٌ، وَإِنْ جَمَدَ فَهُوَ رَمَصٌ، وَقَدْ رَمَصَتْ عَيْنَاهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ رَمَاصٍ بِالْأَلِفِ لَعَلَّهُ لُغَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: مَنْبِتِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا اهـ مِصْبَاحٌ.

وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالْمَنْبِتُ كَمَجْلِسِ مَوْضِعِهِ: أَيْ النَّبَاتِ شَاذٌّ، وَالْقِيَاسُ كَمَقْعَدٍ اهـ: أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ يَنْبُتُ بِالضَّمِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَصْدَرُهُ عَلَى مَفْعَلُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَوْلِهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ غُمَّ الْهِلَالُ) أَيْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: غُمَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ خَفِيَ وَغُمَّ الْهِلَالُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ سُتِرَ بِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَ اللَّهُ) نُسْخَةُ: الدَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِلَّا فَفِي حَجّ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُنْتَهَى قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَلِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحَنَكِ إلَى آخِرِهِ.

قَالَ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَشْرَافَ يَحْذِفُونَ الشَّعْرَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَذَفْته حَذْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَحَذَفَ الشَّيْءَ حَذْفًا أَيْضًا أَسْقَطَهُ، وَمِنْهُ يُقَالُ حَذَفَ مِنْ شَعْرِهِ وَمِنْ ذَنَبِ الدَّابَّةِ: إذَا قَصَّرَ مِنْهُ.

وَحَذَّفَ بِالتَّثْقِيلِ مُبَالَغَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخَذْت مِنْ نَوَاحِيهِ حَتَّى سَوَّيْته فَقَدْ حَذَّفْته تَحْذِيفًا (قَوْلُهُ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ) الْمُرَادُ بِرَأْسِ الْأُذُنِ الْجُزْءُ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الْعِذَارِ قَرِيبًا مِنْ الْوَتَدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَاذِيًا لِمَبْدَإِ الْعِذَارِ (قَوْلُهُ: إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

طَائِلَ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ) أَيْ مُرَادُهُ بِهِ الْبَيَانُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَحْصُل إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْإِيضَاحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا زَادَ غَالِبًا كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْبَتِ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ بِالْفِعْلِ، وَالْإِمَامُ بَنَى اعْتِرَاضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا مِنْ شَأْنِهِ النَّبَاتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَوْضِعُ الْغَمَمِ) لَا مَوْقِعُ لِأَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ:، وَهُوَ) أَيْ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>