للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ، أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ وَهِيَ لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَاهُ، فَإِنْ خَفَّتْ بِأَنْ تَرَى الْبَشَرَةَ مِنْ تَحْتِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، فَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا وَكَثُفَ بَعْضُهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إنْ تَمَيَّزَ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا.

وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ فَاحْذَرْهُ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ.

وَيَجِبُ غَسْلُ سِلْعَةٍ نَبَتَتْ فِي الْوَجْهِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنْ) حَدِّ (الْوَجْهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالذُّؤَابَةِ مِنْ الرَّأْسِ، وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ

(الثَّالِثُ) مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ يَدَيْهِ) لِلْآيَةِ وَالْإِجْمَاعِ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ أَوْ قَدْرِهِمَا مِنْ فَاقِدِهِمَا كَمَا فِي الْعُبَابِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى شَرَعَ فِي الْعَضُدِ ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] فَإِنَّ إلَى بِمَعْنَى مَعَ إنْ قُلْنَا إنَّ الْيَدَ إلَى الْكُوعِ فَقَطْ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِغَسْلِ الْكُوعَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَاسْتُفِيدَ دُخُولُ الْمَرَافِقِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَارِجُ مِنْ اللِّحْيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ هُوَ الَّذِي إذَا مُدَّ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ جِهَةِ نُزُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ تَدْوِيرِهِ بِأَنْ طَالَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ اهـ.

قُلْت: هَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي الْحَاشِيَةِ الْكُبْرَى تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الشَّعْرُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَلَكِنَّهُ طَوِيلٌ مُتَجَعِّدٌ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ، فَهَلْ لِلزَّائِدِ مِنْهُ حُكْمُ الْخَارِجِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ شُعُورِ الرَّأْسِ هُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَدَاخِلًا: قَالَ سم فِي حَوَاشِيهِ: هَلْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْوَجْهُ الَّذِي يَلِي الصَّدْرَ مِنْهَا.

وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ الشَّعْرِ وَمَنَابِتُهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا الْبَشَرَةُ تَحْتَ شَعْرِهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ شَعْرِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ لِوُقُوعِ الْبَاطِنِ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالدَّاخِلِ الْمُتَنَاوِلِ لِخِلَالِ الشَّعْرِ وَمَنَابِتِهِ، وَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا عَدَا جَمِيعَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَهَذَا التَّرَدُّدُ نَشَأَ مِنْ جَمْعِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَيْنَ الدَّاخِلِ وَالْبَاطِنِ.

أَمَّا مَنْ اقْتَصَرَ كَالشَّارِحِ هُنَا عَلَى الْبَاطِنِ فَيُرَادُ بِهِ مَا يَلِي الصَّدْرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَعَارِضَاهُ) وَهُمَا مَا انْحَطَّ مِنْ الْعِذَارِ إلَى اللِّحْيَةِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا) لَكِنْ يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً، وَقُلْنَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ بَاطِنُ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى آخِرِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ الْبَاطِنُ مُسَاوِيًا لِأَسْفَلِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ. تَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ) هُوَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ) أَيْ بِأَنْ عَسَرَ إفْرَادُهُ بِالْغَسْلِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ مَا قَابَلَ الِاسْتِحَالَةَ (قَوْلُهُ: كَالذُّؤَابَةِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهِمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ قَدْرُهُمَا مِنْ الْمُعْتَدِلِ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْكَعْبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ) أَيْ تَمَّمَ (قَوْلُهُ: حَتَّى شَرَعَ) أَيْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهَا) أَيْ إنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مِنْ الشُّعُورِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْمَجْمُوعُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهَا) أَيْ بِأَصْلِهَا

(قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ) تَعْلِيلٌ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ، وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِ مَا بَيْنَ الْكُوعَيْنِ، وَالْمِرْفَقَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>